يا جنين البواسل

فما أصعب أن تكون فلسطينيا و ما أعظم أن تكون..حين تكون عنيدا و لا تمل من تكرار أهدافك في إستمرار الإنتفاضة حتى تحقق كل مكونات البرنامج الإنتفاضي في الإستقلال و العودة و بناء الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشريف.
ما أعظم أن تكون عربيا حين تصون إستقلالك الحقيقي..و ترفض كل وجود أجنبي إستعماري إمبريالي على أرضك.. و فوق ثرى مقدساتك و قبور جدودك.
كم مرة سيستشهد مخيم جنين كي تصحو العواصم من نوم أهل الكهف, كم هو عدد الشهداء المطلوب من الفلسطينيين تقديمه, كي يتحرك العرب و أنظمتهم المرتعبة من أمريكا, الخاضعة لها..كم مجزرة سيرتكبها الكيان الصهيوني المجرم,و شارونه السفاح كي تخضع إسرائيل الإرهابية لقرارات الأمم المتحدة و الشرعية الدولية؟ كم جريمة يقترفها و سيقترفها جيش الكيان العنصري الصهيوني حتى يشعر العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني , فتقدم له حماية دولية..من يجرؤ على مطالبة إسرائيل بتدمير أسلحة الدمار الشامل.. ؟ لكن أمريكا و معها دول الإتحاد الأوروبي تضغط على العراق و على الفلسطينيين و تفرض شروطها المهينة على كل العرب..فلا يتصدى لها, لسياساتها المزدوجة و المتحيزة للصهاينة إلا كل عربي حر و باسل.

كن كما يريد لك شهداؤنا أن تكون..عزيزا صلبا في مقاومتك للغزاة و جيوشهم..في الدفاع عن كرامة الأرض العربية , شعوبها, كرامتها, شرفها, مقدساتها, مستقبلها.
و أنت ترى الضغوط و الإملاءات تعين لك رئيس وزراء فلسطيني على أرضية نزع أسلحة الإنتفاضة الباسلة و الإكتفاء السلبي بتلقي الضربات الموجعة من صواريخ و طائرات الحاقدين الصهاينة..لا بد ان تقول ..أن بضعة حجارة مع وابل من صليات مستمرة لدحر الإحتلال و كنس مستوطنيه, تقوم بوظيفتها خير قيام, و تتفوق على كل المهام التي يقوم بها مجلس وزراء فلسطيني أو غير فلسطيني..

و إعلم –أخي- أن تاريخ جراحنا يعيد نفسه أيضا..في ساحات العز و المواجهة و الخلود الفدائي, إن ينابيع العطاء الفلسطيني باتت أغزر..أن بسالة الفلسطينين لا بد تسفر عن أجمل الأوطان..سيادة و إستقلالا..
يا جنين البواسل و أنت تكرر معجزة صمودك..و تضحيات نسورك و أبطالك, هاأنذا أكرر صرختي و قصيدتي لك, للوطن:

يا جنين البواسل
يوحدنا نشيد البهاء في صمودك
يلهمنا هذا الضياء القرنفلي..
يصدر عن شموس إنتصاراتك
عن وهج الفخر..
إذ ينبعث نار اً و إصراراً
من خاصرة الموج الفدائي..
في مدار العنفوان فوق زنودك
يا جنين البواسل..
يا مخيم الكواكب و الفداء
كتائب المجد و الرشقات و الأرجوان
ذراعاك مفتوحتان..
تكبران ..تتسعان
تتقدمان أعراس الياسمين و الضياء..
تغدوان أكبر من خارطة العروبة
نستظل بهما, شعوبا و نجوما
ذراعاك تثقبان حلكة الزمان
بشموع من دم شهيدك..
ذراعاك مأوانا..
ملجأ صرختنا العنيدة
يستقبلان المجد كله
وفوداً..وفودا..
يا جنين الفجر الجريء
في صحبة الألم الصبور
يا معجزة القمر الفدائي
و النسر الفدائي و قلعة الصقور
كيف جمعتَ النارَ و النهرَ
و الطريق إلى الحلمِ و الجسر
في قبضة باسلة..واحدة؟
مورقة رؤاك.. رؤانا..
ثابتة خطاك..خطانا..
كي توحدَ أضلاعكَ الحشدَ السيادي
ومظاهرة النوارس والأيادي الغاضبة
خلف عزائم ملائك الصمود
وحدتنا..وحدتنا..
و حدت ما تبعثر فينا
من مدن و شوارع و أمداء..
يا جنين البواسل
كيف بنيتَ على ساعدكَ الأسطوري
مسجداً و مأذنة و تاريخ وفاء
و شيدتَ بين ضلوعكَ كنيسة..
فصرت أمام الخالدين
إمام البطولة و الجرأة و الفداء
يا قديس الأعالي و الجموح
يا رفيق صقور الشروق
للعزة و الرفعة و الكبرياء..
من جرحك الفلسطيني
تخرج البسالة..
أمواجا أمواجا..
وتخرج قمحا و رماحا و سيرة جذور
وثبات فلسطينية الأرجاء..
دَثِرْ جسدَ الوعدِ
بطيف يأتي من تلال الرعد
من أرض الرباط و الأنبياء
دثرنا بشلال التفاني..
علمنا دروسكَ في الرمي الرشيد..
لندحرَ الذلَ و الليلَ و الأعداء..
دثرنا بقطراتٍ من ملحمة و صهيل
كم إنتصرتَ..كم إنتصرتَ
على الخزي و العار و الجنود..
و كم إنهزمَ الذئب الدخيل..
كم إقتربت يداكَ الفدائيتان
من مصافحة البحر و الجليل..
دثرنا بشال الهداية و النهوض
يأتي إلينا من فضاء صعودك
إلى الخلود..
يا جنين البواسل
ها أنت تعلو و تعلو
ترتفع مجداَ, أسطورة و شهداء.