الخميس ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٩
بقلم إبراهيم بديوي

يا نيل

يا نيلُ قد أسَرُوكَ غدراً وانزوى
مجراكَ في أرضِ الكنانةِ يشهقُ
شَحَّت سنابلُ خيرِنا وتيبَّست
ماعُدتَ في تلكَ القُرَى تتدفَّقُ
وانكفَّ كفُّكَ عن ربوعِ بلادِنا
كم كنتَ في كلُّ المدائِنِ تُغدِقُ
طُوفانُكَ الفيَّاضُ أضحى هامداً
ماعادَ يربو مثلَ أمسِ ويَفْهَقُ
ونسيجُ نَولِكَ قد بدى بضِفافِنا
مُتَمَزِّقاً من دونِ وِردِكَ يزهقُ
قد كنتَ تُحيِي أرضَنا إذ أغرقتَها
والنَّبتَ والأطيارَ نعمَ المُغرِقُ
بعهودِ صدقٍ منك قد أمَّنتَنا
دهراً مديداً كنتَ دوماً تَصدُقُ
كم من عروسٍ زيَّنوها غايةً
وزفافُها يجري بقاعِكَ يَمرُقُ
فرعونُ والحشدُ الغفيرُ تزيَّنوا
فرحاً بفَيضِكَ والمكانُ مُعبَّقُ
في يومِ عُرسِكَ والخلائقُ ترتجِي
لو أنَّها تَلقَى عُبابَكَ تُرزَقُ
دينٌ وإيمانٌ خلودُكَ عِندَنا
تجري بأمرِ اللهِ فينا تَهْرَقُ
يانيلُ قد خانوكَ ساسةُ قومِنا
ليتَ الفراعينَ الأماجدَ تنطقُ
لو كانَ فينا أحمُسٌ وجنودُهُ
كانوا أزالوا كلَّ سدٍّ يَسْمُقُ
وبناةُ أهرامٍ بسالفِ دهرِنا
بُنيانُهم باقٍ علاءً يَعنَقُ
لكنَّها يانيلُ محنةُ أمَّةٍ
عنوانها جيلٌ سفيهٌ أحمقُ
يتفاوَضُون على مياهِكَ بعدما
صارت هناك سُدودُهم إذ تُغلقُ
يتسولون رضا الكبارِ مهانةً
صرنا أصاغِرَ عصرِنا نتملَّقُ
فمتى نرى عهدَ الخنوعِ مغادراً
يانيلُ أرضَ بلادِنا يتمزَّقُ
ونعودُ نبني من جديدٍ مجدَنا
نمحو غُبارَ الذُّلِّ عنَّا نبرُقُ
البحر الكامل


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى