الاثنين ١٦ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم عبد الستار نور علي

يوميات مدينة «الجزء الثاني»

لا تفتحْ أوردةَ الكتبِ
فسماءٌ غائمةٌ
وشوارعُ معتمةٌ
تخلو من مارّهْ
لا تطلقْ أشرعةَ الأوراقْ
لا تفتحْ أبوابَ القلمِ
قد تسقطُ منْ أعلى السطرِ
فوق سِنانِ القلبِ
بينَ سنابكِ خيلِ الأحلامْ
قرأتَ صباحاً
أنَّ الظلمةَ رفيقُ الدربِ
في هذا الكونِ المعتمِ
وفتحتَِ الشاشةَ:
أخبارٌ ... أخبارٌ
عنْ عالمكِ المرئيّ
واللامرئيُّ في روحِ الغيبْ
رأيتَ صباحاً جثثاً .. جثثاً
تتناثرُ فوق جدارِ العزلِ
عندَ الخضراءْ
أمٌّ تصرخُ نادبةً
تُحنّي خديها بالدمْ
تبحثُ عن أشلاءْ
انفجارات
انفجارات
انفجارات
انفجارات
باكستان
أفغانستان
عراقستان
صومالستان
لا تفتحْ أقنيةَ القصةِ
فمؤلفُها ينامُ
فوق رصاصِ النفط
لا تفتحْ فمكَ على الآخرِ
الخطرُ الآتي مرسومٌ
خلفكَ في الظلّ
 

ذاكَ عجوزٌ ينزلق

 
الدرجةُ عشرون تحت الصفرِ
ماذا يفعلُ شيخٌ يترنحُ
بين جليد شتاءِ الشارع
كلبٌ يتبولُ فوق الثلجِ
وأنا خلف زجاج النافذةِ أحدّقُ
في الشجرهْ
أغصانُ الشجرةِ تشتعلُ
شيباً
قدمايَ جامدتانِ
ويدايَ بلون جليد الأرض
والقلمُ الباردُ يحتضرُ
رغم الدفء الصادرِ من مدفئة الحائطِ
وموقدِ تلكَ الأيامْ
كلّمتُ النجفَ الأشرفَ أمس مساءاً
قال الصهرُ النجفيُّ التاجرُ
سنزورُ الحضرةَ بعد قليلٍ
أنتم في حاضنةِ القلبِ ومرآة العينِ
ولبِّ الأيامِ
إنّا ندعو عندَ أميرِ الحقِّ لكمْ
بالصحةِ والعافيةِ ودفءِ الحبِّ
وسلامةِ ذكرى الأيامْ
حتامَ تظلونَ
خلفَ حصارِ جدارِ جليدِ الأيامْ
وبرودةِ أعصابِ الحبّْ
قلتُ ودعائي موفور الأمنِ
ووقايةِ سيفِ الجلادِ
ودوامِ حرارةِ شمس الكونِ
في أرجلكمْ
الشارعُ خالٍ
ومحلاتُ الأزياءِ الغربيةِ خاويةٌ
بعد الأعيادْ
لكنَّ القهوةَ عامرةٌ بصداع البردْ
بين أثير جليد مدينتنا
لا تسمعُ غيرَ عواءِ الصمتِ
ودقاتِ القلبِ
وضبابِ العينينْ
صرخَ المتنبي يوماً
واحرَّ قلباهْ
وتقولُ جلودُ مدينتنا
وابرداهْ
هلْ منْ ناصرْ
ينصرُ أبناءَ جليدِ الكونْ
تلك الصوماليةُ بحجابٍ يزحفُ فوق الثلجِ
والموبايلُ فوق الأذنِ
والصوتُ الصارخُ كما طبلٍ
تسرعُ في مشيتها وكأنّ الأرضَ رمالٌ
منْ عمق الصحراء
تغيبُ خلفَ الساحةِ بين أنين الأشجارْ
جلدٌ يتضوّرُ برداً
جلدٌ يتضوّرُ حرّاً
جلدٌ يتضوّرُ
فراغاً
بينَ جلودِ الألوانِ المختلفةِ
تضيعُ جلودُ مدينتنا
للثلجِ الماضي طعمٌ خاصٌّ
للثلجِ الحاضرِ طعمٌ خاصٌّ
بين الطعمينِ
لا طعمَ على ألسنةِ مدينتنا
كانَ سراباً
حينَ حللْنا بين ربوع الحلمِ الماضي
كانَ سراباً
في أول أيام البردِ
رقصَ الأطفالُ على الثلجِ
في آخر ايامِ البردِ
رقصَ الشيخُ
منْ قسوةِ إيقاعِ البردِ
لا تهتزَّ
فالهزاتُ علاماتُ الصدمةِ
شغِّلْ عقلكَ والقلبَ واهدأْ
حدِّقْ في رابيةِ الشمسِ هناكَ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى