السبت ٢٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
بقلم بسام الهلسة

العرب .. والإعراب !؟

في درس قواعد اللغة العربية، الذي كنتُ أكرهه رغم حبي للغة وسلامة نطقي بها غالباً، كان الأستاذ يعلمنا بنفاد صبر وجهد شبه عقيم: المرفوعات والمنصوبات والمجرورات...

كنتُ أنفرُ من مادة القواعد لأنها بدت لي جافة معقدة.. على العكس من مواد التاريخ والأدب والفلسفة والاجتماع التي كنتُ أقبلُ عليها بحب وتفاعل.

إنقضت أيام الدراسة وظل كرهي لدروس القواعد مقيماً لا يريم.. قواعد اللغة، والقواعد العسكرية الأميركية أيضاً.. المنتشرة في العالم لتتحكّم في شؤونه، كما تتحكمُ القواعدُ في حركات الإعراب!!

فكما في "الإعراب" ثمة دول وأمم مرفوعة!! لا بحركات الرفع المعروفة، بل بالقوة والتقدم الذي أحرزته..

وثمة دول منصوبة! وأخرى ناصبة ونصَّابة على الشعوب المستضعفة التي تَسمَحُ بإستغفالها واستغلالها..

أسوأ الأحوال هي أحوال الدول والأمم المجرورة.. و"الجرير" –كما نعرفُ لغةً- هو "الحبل"..

والدول التابعة تجرُّها الدول المهيمنة بحبالها الطويلة المتعددة: السيطرة المباشرة (السياسية والأمنية)، القروض والديون، التغلغل الثقافي متنوع الأشكال، نهب الموارد الوطنية وتحطيم الاقتصاد والأسواق المستقلة وإلحاقها...الخ.

ولا فكاك للدول والأمم المجرورة، بغير قطع حبال "السرّة" التي تربطها بالمراكز المهيمنة، واتباع طريق مستقل إذا ما كانت مَعْنيَّة بمصالحها أولاً...

ينسحب الكلام السابق على العرب –دولاً وشعوباً-.. فمحلهم في الوضع العالمي المعاصر هو "الجر" وستلازمهم "الكسرة" –أو "الكسيرة" كما يُسمى البدوُ "الهزيمة" –الظاهرة على كل جوانب وملامح حياتهم، إلى أن يسيطروا على مواردهم المبددة والمنهوبة، ومصائرهم البائسة، ويتجاوزا محل ووضعية "التبعية" و"الفوات الحضاري"، ويصيروا "فاعلين" بين الأمم الحية.

فمثلما يتغير إعراب الكلمات، بحسب موضعها من الكلام، يستطيع العرب –إذا ما امتلكوا الإرادة والتصميم- أن يُغيِّروا وضعهم القائم: من "موضوعٍ" تتداوله الدول والشركات الأجنبية، إلى "ذاتٍ" فاعلة تصوغ مصيرها بنفسها ولنفسها..

بغير هذا سيظل العرب في "محل جر"..

وقد يواجهون ما هو أسوأ –إن ظلّوا يعلكون هذه الحال:-

أن يفقدوا محلهم من الإعراب!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى