الخميس ٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم عمران عزالدين أحمد

ثلاثية الانتظار وقصص أخرى


(1)

ثلاثية الانتظار

أ

في تلك البلاد.. الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، العفونة تزكم الأنوف.. الكذب والشك والكلام المعسول في كل مكان.. الطيور تهاجر.. الذئاب تسرح وتمرح والقطيع يستباح في الليل والنهار.. وفلاديمير وستراغون ما زالا ثمة تحت الشجرة .!

ب

النهار التحفه الظلام.

الدجاجة تقود صغارها إلى الكوخ، وعلى باب الكوخ يتربص ذئب بدجاجة تقود صغارها، يلتهمهم.. يعتلي جبلاً.. يطلق عواء متخما ً، يخاف الظلام، تصطك أسنانه.
وكوخٌ جفاه النوم ما زال يترقب دجاجة تقود صغارها.

ج

طلب من أطفاله أن يناموا، أمر الزوجة أن تطفئ النور... انهمرت دموعه، انهمرت دموعها.
صباحاً كان العيد... الثياب الجميلة والحلوى والسكاكر، وبيت مازالت أبوابه مقفلة، يحتضن صغاراً... يحلمون بثياب جديدة وسكاكر العيد.

(2)

المسحراتي

انتهز جارنا المسحراتي فرصة انقطاع التيار الكهربائي، وتوقف دوران أطباق التلفاز الفضائية، وسيران الناس في الشارع، وتجول في الحارة التي كان يلفها السكون مردداً :
" اصح يا نايم وحد الدايم... رمضان كريم."
بيد أن الحارة بقيت ساكنة وغارقة في الظلمة، فأيقن المسحراتي أنه قد كبر وأن صوته قد وهن وعاد إلى بيته يجر أذيال الخيبة شاعراً بتأنيب الضمير.!

(3)

الطاولة

اجتمعت المناصب الهامة على طاولةٍ، واتخذت بعد إرهاق وتعب شديدين قرارات هامة جداً، ولكن الغريب في الأمر أن تلك القرارات لم تكن مفهومة لأغلبنا، رغم أنه لم يكن يميزهم عنا سوى جلوسهم على طاولة فقط.

(4)

قضايا أدبية

في برنامجه التلفزيوني"قضايا أدبية"استضاف المعدّ شاعراً متميزاً ووجّه له الأسئلة التالية:
هل شاهدت ضحايا زلزال تسو نامي..؟
نعم..
هل تعتقد بأننا قادرون على تحطيم ترسانة العدو والنصر عليه..؟
لا أدري ..!
من هي الممثلة التي ترشحها لجائزة الأوسكار هذه السنة..؟
 أظن...
هل تتوقع أن تحتفظ البرازيل بلقبها لكأس العالم..؟
 أعتقد...
كيف تنظر إلى مستقبل الشعر..؟
إن الشعر هو...
المعد مقاطعاً الشاعر منهياً برنامجه :
"شكراً لكم أعزاءنا المشاهدين على حسن المتابعة، ولقد لاحظتم أن أجوبة شاعرنا الكبير بدت مقتضبة جداً فهذا حال الشعراء عندما تكون الأسئلة شعرية بحتة.!"

(5)

جدول الضرب

في حصة الرياضيات سأل التلميذ أستاذه : كيف نحفظ جدول الضرب يا أستاذ..؟
أجابه : ألا تسكت عن حقك يا بني.!

(6)

مخاتير أمام العواصف

ضج سكان القرية من السرقة المتكررة لمحاصيلهم.. فقصدوا المختار، وكتبوا له عريضة جاء فيها : (تتعرض محاصيلنا للسرقة باستمرار.. نطالب بمعاقبة السارق واسترجاع تلك المحاصيل. ) قطّب المختار جبينه وأخرج ورقةً من جيبه فتشدّق وتعهد باسترداد ما سرق، ثم ندد وهدد واستنكر وأكد بأنه سيلقن الجناة درساً لن ينسوه أبداً.
فجأةً هبت عاصفة طوحت بورقة المختار ورمت بها بعيدا ً.

(7)

السيرة الذاتية للقمة فارة

أ

كانت المائدة حافلة بالكثير من أنواع الأطعمة، وكعادته أتى عليها كلها، باستثناء لقمة صغيرة فرت من إحدى صحونه اللماعة إلى الشارع. واستقرت في معدة شحاذٍ عجوزٍ كان يفترش رصيفاً قذراً من زاوية منسية في مكان مهجور.
منذ ذلك اليوم وجميع الفقراء يفترشون الأرصفة القذرة !

ب

شكى صاحب المائدة العامرة اللقمة الفارة إلى أمير البلاد، فأصدر الأخير فرماناً يقضي بعودة اللقمة الضالة المذنبة إلى صاحبها. وبعد بحث وتحقيق طويلين أقرّ العجوز بذنبه، فانتزعوا اللقمة من أحشائه انتزاعاً وأنبوها تأنيباً عنيفا ً.
منذ ذلك اليوم بُني جدارٌ عازلٌ بين الفقراء والأغنياء منعاً لفرار الفتات.!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى