الجمعة ٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم عبد الإله الكعبي

الحقيقة

يا صاحبي أعطني من خمرة قدحـا
ما ذاقها أحد من قبلنا وصحا
 
لا تعطني خمرةً أصحو فأنكرها
فكل من قد صحا يوماً قد افتضحا
 
قد زادني ألما ما كنت أشربـه
كأنما هو نار كلّما طفحـا
 
لا زال يصرخ في أعماق ذاكرتـي
و القلب مسترحم والعقل ما صفحـا
 
قد خاب كل طبيب أن يعالجنـي
و ما أصاب بنصح أيهم نصحـا
 
ظنّوا بأني أشكو بعض ما وهمـوا
لكنّ ما أشتكي لو بان ما وضحـا
 
هل يدرك العقل أمرا ليس يدركـه
فالوهم كلّه ما قد قيل أو شرحـا
 
و ليس يقدر مهما العجز أقـعده
ألا يقر ّبه عقل وإن جنحـا
 
و كيف ينكر من في البعد يحزنـه
و كلّما يدن منه يضطرب فرحـا
 
ما بال من أبصر الآيات ينكرهـا
أما يرى النكر بالإثبات قد صدحا
 
و صاحب الأمر من قد شاء يعرفه
فما تستّر إلا بالذي اتضـحا
 
لكنّها الشمس تعمي عين ناظرها
و الشمس ظلّ بهاءٍ منه قد رشحـا
 
فهات عيناً سوى هذى التي عميت
لا تشتكي رمداً أو تعرف القرحـا
 
و لا ترى أحداً إلاه ما نظـرت
فلا وجود لها إن أبصرت شبحـا
 
و لا وجود لها إلا إذا علمـ ـت
إن الوجود سواه كان مصطلحـا
 
فإنما الأرض والأجرام قاطبـة
و الخلق من قد مشى أو طار أو سبحـا
 
ليست سوى صور في فقرها اتحدت
و الأمر مزقها حتّى غدت قزحـا
 
إني لأعجب من وهم ٍ نؤلهـه
و الدين والفكر في محرابه ذبحـا
 
إن كان يعبد أسلاف لنا صنمـا ً
من الحجارة في قاموسنا قبحـا
 
تلك العبادة لا زلنا نعاقرهـا
فتلك أربابنا ما غادرت قدحـا
 
فالبعض من حب ليلىكأسه ثملتْ
و البعض خمرته ظلما ً دم ٌ سفحـا
 
و البعض ديناره ربٌ يكلّمـه
و طور سيناه ما قد حاز أو ربحـا
 
فكل منشغلٍ في قلبه صنـمٌ
إلا إذا كان فيه الحق قد نفحـا
 
يا صاحبي إن قلب المرء معبـده
فانظر لأيّ الهٍ قلبك انشرحـا
 
إن كان لله فاعلم انه احـدٌ
حاشا تشاركه حزناً ولا فرحـا
 
لا تدّع الأمر إلا وهو شاهـده
و اسلك طريقه ديناً صادقاً سمحـا
 
و ذاك قبرك أنت اليوم ساكنـه
فانظر إليه أخيراً كان أم ترحـا
 
ما الأرض قبرك إن الجسم عاريـة
ولست أول من فيه قضى ردحـا
 
و دع لسانك ما قامت بحجتـه
إلا حروفٌ أطاعت كل ما اجترحـا
 
لا خير في منطق ٍقد راق سامعـه
لكنه تحت أقدام الذي طرحـا
 
يا صاحبي إن هذا الكون منتظـم
يسعى على نسق ما زلّ أو جنحـا
 
فكل شيء جرى فيه إلى هـدف
من أول الدرب في أفعاله وضحـا
 
خرسٌ لها لغةٌ لو إنها فهمـت
لأخرست ببيانٍٍٍ أبلغ الفصـحا
 
ماذا نقول إذا راحت تساءلنـا
يا معشر الفكر فيم الفكر قد سرحـا
 
أضاع في الشك حتى ناء منطقـه
عن الحقيقة فيما ظن أو شرحـا
 
هل السعـادة ليـلٌ أنـت تصرمه
بما اشتهيت وتعنا إن صحوت ضحى
 
وما السعـادة إن أخرست زقزقـة ً
أو دست زهرة روضٍ تنشر الفرحـا
 
أو تصنع الغار من حزنٍ ومن ألم ٍ
فما يـضيرك من دارت عـلـيـه رحـى
 
من أنت ما لك مسبيا ًعلى عجل ٍ
و ما أمامك غير القبر منتدحـا
 
أم أن ظننتك في ذا الكون منـفردا ً
قد جازك النظم منسيا ًو مطّرحـا
 
و أنت أنت الذي من أجله انتظمت
كل النواميس ما قد غاب أو صرحـا
 
لولاك ما أبدع الرحمن معجـزة ً
من أجل عينيك ماذا قد بنى ودحا
 
فالبحر لولاك ما ماجت خواطـره
والشمس ما ضحكت والبدر ما سنحا
 
و الصخر ما انبجست عينٌ به طربا ً
أو أنه غضباً في لحظة ٍقدحـا
 
و كم تربّعت في عرش ومملكـةٍ
من أجلك الكل فيها طائعا ًكدحـا
 
و كم أحاطك حرّاسٌ جهلت بهـم
فما دفعت لهم أجراً ولا منحـا
 
من أنت يا سر ما في الكون من صخب
ٍيا من تخاصم فيه العقل واصطلحـا
 
أأنت من جعل الأصنام آلهـةً
و الكلب والذئب في هاماتها سلحـا
 
و أنت من ذلّه دهرٌ وعاث بـه
و تحت نير طغاة الشر قد رزحـا
 
قد هدّك الظلم مسكيناً ومضطهـداً
أو ظالماً جائراً مستكبرا ً وقحـا
 
متى ستعرف مَنْ مِنْ أين كيف وما
ماذا إلى أين هل والجهل قد رزحـا
 
ما قصّر العقل عنها عاجزا ًأبـداً
بل فوق ما سألت كم مرّةٍ رجحـا
 
لو لم يكن هو أهلا ًلم تكن وجـدت
فهو الدليل عليها إن صفا لمحـا
 
ما العمر إلا طريقٌ أنت سالكـه
دليلك العقل إن ناصحته نصحـا
 
فاربأ بعقلك أن يغتاله زمـن ٌ
قد عشعش الجهل فيه والهوى جمحا
 
يا صاحبي إن هذا الليل يسترنـا
كم لاعنٍ له مخزيّ ٌإذا اصطبحـا
 
لا يخدعنّك من ظلوا بظلمتـه
فقصّروا أو أطالوا ملبسا ًو لحـى
 
أو يجرمنّك مقهورٌ به قنــط
إلى الحقيقة أن لا تكدح الكدحـا
 
فاليأس أخبث سهمٍ إن أصاب فتـى
كالصلّ ينهش في قلب الذي جرحـا
 
و الصبح آت ٍقريب بان أولـه
في عين كل حبيب ٍعندما نزحـا
 
و الموت فجرك فاسر الليل مجتهـدا
ألا تنام فمن قد نام ما ربحـا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى