السبت ١٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم محمد بروحو

جبير والخرفان

أصوات الباعة، تتعالى من داخل الدكاكين المشرعة أبوابها، على الشارع الرئيس للحي.. وبجانبها يجلس الآخرون.. يعرضون ما أحضروه من بضاعة. وفي غالبية الأمر هم جباله.. القادمون من قرى النواحي القريبة من المدينة.. يسمي كل واحد بضاعته.. فيرفع من صوته ما استطاع ليلفت انتباه المتبضعين لما معه من سلعة طرية احضرها لتوه..

أيام قليلة تفصلنا ويحل عيد الأضحى.. كان جبير في هذه اللحظة يشق طريقه نحو دكان معلمه الحاج التهامي.. بعد أن خرج من البيت. انطلق كالسهم.. إنه يحمل معه خبرا سيسر معلمه كثيرا. ولربما سيخصص له مكافأة مهمة من أجله..
يتابع جبير هرولته، بين أكوام أجساد بشرية.. حبات العرق تملأ تجاعيد وجهه الشاحب.. حين وصل باب الدكان الذي كان مغلقا.. سأل عنه جاره الحانوتي.. أخبره هذا الأخير بأن الحاج التهامي غادر لتوه لوجهة لم يخبر عنها أحدا..

ظل جبير ينتظره مدة طويلة بباب الدكان.. ولما حضر الحاج التهامي وسأله جبير عن سبب غيابه لم يجبه.. وإشراقه الرضا تنمش محياه..
أين كنت يا حاج التهامي..؟ لقد سألت عنك.
رد عليه باقتضاب.. وما شأنك وغيابي.. ؟
لقد جئتك بخبر سيسرك..
وما هو..؟
زوجتك الثالثة زينب، وضعت توأمين ، بنت وولد..
انشرحت أسارير وجه الحاج التهامي.. وتبسم ابتسامة عريضة وخفيفة.. وهو يمرر يده على رأس جبير وينظر إليه نظرة تركت آثارا في نفسه.. فأعاد جبير سؤاله على الحاج التهامي..
 أين كنت يا حاج التهامي..؟
حدجه الحاج التهامي بنظرة ثم قال:
 كنت في مكتب العدول..
أطرق جبير رأسه. لقد أدرك أن الحاج التهامي قد تزوج الرابعة..

لما وصل جبير البيت كانت زغاريد النسوة تملأ فضاءه الشاسع.. انسل خفيفا يصعد الدرج إلى غرفته بالطابق العلوي من البيت.. جلس على أريكة يفكر.. كيف يستطيع الحاج التهامي أن يتزوج من أربعة، حيث يصعب عليه هو الزواج بواحدة..

حين أطل من نافذة الغرفة المشبكة والمطلة على وسط الدار، كان الحاج التهامي، واقفا يستمتع بزغاريد النسوة وهو محاط بخروفين أقرنين سمينين...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى