الاثنين ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم أديب قبلان

اصنع إيجابيتك!

كلما تراءت لي ساعة ستحين لا شك في يوم من الأيام، أتذكر ما أقبلت عليه نفسي من سلبيات وإيجابيات، يا ترى ما هذه الساعة التي قد تحين قريبًا أو بعيدًا؟؟

إنها ساعة الموت، ساعة تنزع فيها الروح من جوف ابن آدم ليبقى جسدًا خاليًا من أي معنى سوى أنه ثقيل سيحمل على الأكتاف، ثم سيستقر في باطن اللحد لا يرى إلا أجسامًا نورانية تسمى الملائكة، ربما تكون هذه مبعث رضًا أو مبعث سخط والعياذ بالله.

كثير هي الأعمال التي ترسم لك في لحدك أخي القارئ ملائكة الرضا، لن أتناولها جميعها، بل سأتناول جزءًا منها ولعله الأهم على مستوىً محدد، ألا وهو الإيجابية في السلوك.

لا شك أننا جميعًا في المجتمع – مسلمين وغير ذلك – نحتوي على فطرة الخير وعلى الإيجابية التي أودعها رب العباد في نفس كل شخص خلقه، لذلك كثيرًا ما نرى التائبين من أهل السوء والضرر، ولعل السبب في ذلك هو أن الإنسان بطبيعته التي خلقه الله تعالى عليها محب للخير، لكن العوامل التي تحيط به تحيك حوله شباك السوء وترسم له طريق اللذة والسلبية التي لا يلبث أن يقع بها بمجرد رؤيتها، لذلك حثتنا إنسانيتنا على أن لا نقبل على أي عمل يوقعنا في الاشتباه بالسوء.

أما إذا تعمد الشخص الوقوع بين براثن السوء والسلبية، فهذا يدل على ضعف الوازع الإنساني لدى هذا الشخص، والوازع الإنساني هو منبه ينبه الشخص إلى عدم الوقوع في أي عمل سلبي يؤثر سلبًا على المجتمع، وكثير من ضعيفي الوازع الإنساني لا يلاحظون سلبيتهم الفائقة إلا بعد فوات الأوان ويكون عندها قد وصل كل شيء إلى ذروة يصعب التراجع عنها، فلنكن حذرين من الإقدام على أي فعل يشتبه في سلبيته.

وهنا سأبدأ عرض رأيي حول الإيجابية في السلوك حتى يتسنى لك أخي القارئ أن تفهم وجهة نظري، أولاً: أدعوك أخي القارئ لأن تتأمل الأجسام حولك – حية كانت أو جمادات – ستجد بلا شك أن كل شيء حولك مسالم، فأنت – في الواقع – تعيش في بيئة تتمتع بالإيجابية المطلقة إذا لم تتعرض لعوامل تغير من إيجابيتها، وهذا يدل على أنك – أخي الإنسان - في حال حياديتك إيجابي، وأنك إذا تعرضت لأي تغير في سلوكياتك فإنك ستقع تحت احتمالين، الأول: أن تتغير في اتجاه إيجابي يزيد من إيجابياتك في السلوك، أو أن تتغير في اتجاه السلب الذي سيلغي سلوكياتك الإيجابية الذاتية (الموجودة فيك أصلاً ).

أما الخطوة الثانية أخي القارئ، فهي أن تحاول أن تتحدث إلى أجزاء بيئتك، لا يعني ذلك تحدثك إلى الكائنات الحية فيها، إنما أن تتحدث إلى البيئة ككل، هوائها، مائها، نباتاتها، وما شابه، فربما أنك بهذا التحدث إلى المكونات ربما تكون صداقات معها، وهكذا، ستحس كلما دخلت إلى بيئتك أن الأشياء تحيك ثم تسألك عن حالك وهكذا، وعندها ستحس أنك كونت شيئًا جديدًا قلما يتعامل به البشر كون معظمهم يعدون هذا من الخرافة، وإنما في الواقع هو حقيقة يشعر بها كل من اتخذ الماء صديقًا والهواء خليلاً..!!

أما النقطة الثالثة فهي أن تحاول فهم لغة الكائنات، وفي هذه الخطوة الكثير من الجوانب التي لا تتطابق مع المنطق، لكنها ربما تأتي بنتيجة تزيد من إيجابية سلوك الإنسان، وكيفيتها هي أن توحي لك نفسك باتخاذ فعل معين نتيجة الإحساس بضرورة اتخاذ هذا الفعل أثناء تأملك في الكائنات، وباعتقادي الشخصي أن هذه الخطوة ليس من السهل التوصل إليها وخصوصًا أنها تعتمد على ذوق عال، بل هي قمة الذوق لأنه ليس من السهل أن تحقق الخطوتين الأوليين، أما إذا تحقق، فتكون بذلك قد صنعت القاعدة الأساسية لبناء قصر الإيجابية الذي يكون شخصيتك كإنسان تتمتع بروح الخير وتبتعد عن السلبيات بطبيعتك.

ها أنت قد تأكدت من إيجابية بيئتك، ثم صادقت الأشياء ربما لإيجابيتها، ثم بدأت تفهم لغتها لتستطيع أن تفهم هذه الأشياء في كل حركاتها وسكناتها.

أما الآن فستتعامل مع هذه الأشياء التي استطعت أن تحادثها وتفهمها – سابقًا – وكأنها بشر، واختياري لعنصر البشر هنا بسبب أن مصادقة البشر هي العرف المنتشر في مجتمعاتنا العربية، تحدث لها عن أسرارك، وادعوها لتتحدث لك عن أسرارها، لا تستغرب أخي القارئ هذه الدعوة التي قد تعدها (غبية) إلا أن كثيرًا من أصحاب الحس المرهف استطاعوا أن يعبروا عن الشجر والحجر في شعرهم ونثرهم، ثم إنك بذلك تكون قد استطعت أن تفهم ما يدور حولك من حركات وسكنات سواءً أكان المحدث بشرًا أو جمادًا.

أعتقد أنك بذلك استطعت أن تغير من سلوكك وأتمنى أن يكون هذا التغيير إلى الإيجابية لا إلى السلبية، وهذا التغيير هو الذي سيدفعك إلى التغيير الجذري في السلوك إن لزم الأمر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى