السبت ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم يونس أحمد عفنان

إلى محمد الماغوط

يا أمينَ حزبِ البلابلِ المحكومةِ بالإعدامْ
والأمنياتِ التي أذلها النسيانُ والهجيرْ
حزني طويلٌ كليلِ المُعتقلْ
لأن دخانَ لفائفكَ المُضاءةِ كالمناراتْ
للضالينَ في صحراءِ الانكسارْ
لمْ يعُد يتجولُ كالغيومِ الكريمةِ في سماءِ بؤسِنا الجرداءْ
وفي حوارينا القذره
"التي تُنتجُ الأنينَ والعيونَ الزرقْ"
ليمنحنا بعضَ الطمأنينةََِ والأملْ
"لا تضعْ سراجاً على قبركْ"
لن نَزورهُ أبداً...
لأنكَ أيها الأميرُ المحاصرُ في موتهِ وفي حياتهْ
بالجوعِ والمستحيلْ
دفينٌ كالأوابدِ التاريخيةِ في نحيبنا الخالدْ
في دموعنا ذاتِ الأظافرِ الطويلهْ
و قلوبِنا التي يلهثُ فيها الصقيعْ... والمطرُ المالحْ
"يا ساعي البريدْ"
وجهُكَ المتعبُ والهائجُ كالبحرِ المفزوعْ
"وأنتَ تسترجعُ في ذاكرتكَ الخائنهْ
وجهَ (سنيّه)..
أو أحدَ رفاقكَ في المعتقلْ
لتصفَهُ لربيعٍ طارئٍ بين أوراقِكْ"
وجهُكَ المُدوي على خدِّ الطغيانِ صفعة مُحكمهْ
سيضلُ يطلُ من نوافذِنا المُخلّعهْ
كسراجٍ تائهٍ في عتمةِ الزمنْ
.....
لم تكنْ تعرفْ
يا آلهَ القصائدِ المُطهَمةِ بالذهولِ والحرائقْ
المرسلةِ إلى المقاهي الراقيةِ كفرقِ الإعدامْ
كالفجرْ
لتعِليمِ رُعاعَ الفكرِ وهدوءَ المكتباتْ
كيفَ ُتمطِرُ الكلماتُ فوقَ الدفاترِ وفوقَ شفاهِ الفلاحينْ
وكيفَ يعودُ الشِعرُ في آخرِ الليلْ، إلى دواتهِ الأُمْ
موحلاً كالغابةِ العذراءْ
نبيلاً كالأشجارِ المُعمّرَهْ
لم تكنْ تعرفْ
أنَّ سُعالكَ المُثيرْ كالأحجيهْ
هوَ نشِدُنا الوطنيّْ...
وأننا كنّا ولا زلنا نهرعُ كاليتامى إلى دفاتِركْ
لنتقي في ضلالها شمس الذل الساطعهْ
"نحنُ الجائعونَ أمامَ سُهولِنا"
المسترسلونَ في العذابِ كعازفٍ مخمورْ
اللذينَ لا ننامُ الأّ بجرحٍ طازجٍ كمطرِ الجبالْ
والمشوهونَ نفسياً
بفعلِ الخططِ السنويةِ للنهضةِ وترشيدِ الفرحْ!
المصابونَ بالرعبِ منذُ الأبدْ
بحيثُ نخافُ حتى من نزقِ العصافيرْ
وتأخُرِ البراعمِ في الولادهْ!
نحبكَ حتى الهذيانْ... والنومِ في حاوياتِ القمامهْ!
أيها الاستثنائي في حزنهِ وفي فرحهْ
"تشبثْ بموتكَ أيها الأبلهْ"
"ما الذي تريدُ أن تراهْ"؟ تسوّلَ العفهْ؟
أم أوطانَنا التي تحترقْ؟
وأشجارها المُسنّهْ
تهاجرُ على عجلٍ إلى جهةٍ مجهولهْ
تاركةً وراءاها أنينَ الرخامِ وجماجمِ الأطفالْ؟
....
حينَ تدحرجَ قلمُكَ البريُّ فوقَ الطاولهْ
واستلقتْ يدُكَ الموشومةُ خارجَ الوقتِ إلى الأبدْ
والحياةُ تغادرُ شرفتكَ الغامضهْ.. كالحمامةِ الأرملهْ
"ماتَ زمنُ النبوغ ْ"
"والانزلاقِ على السلالِمِ الطويلهْ"
فماذا نفعلُ بحزنكَ العجوزْ؟
وهو يطوفُ في الشوارعِ كالمجنونْ
يبحثُ باكياً عن أحشائكَ الخصبهْ
وقصائدكَ البدويةِ المجرمهْ
"لقد ماتَ زمنُ النبوغ ْ"
(القملُ) على التاريخْ... القملُ في أمعاءِ الحواسيبْ
.......
محمد الماغوط،
أكتبُ إليكَ من سلة المهملاتْ..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى