السبت ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم محمد متبولي

وداع راهبة

الايقونات باهتة، والحزن عم المكان، فبين ملابس الكهنة السوداء وصرخات النساء ودموع الاحباء ألقيت ترانيم الموت، بدى عليه التأثر والجميع تارة يستمعون لرئيس الدير وتارة يرمقونه بأعينهم، ترى ما الذى يربطه براهبة لم تترك الدير منذ عشرين عاما او يزيد، ويقطع عشرات الكيلومترات فى قلب الصحراء ليحضر جنازتها، فالجميع يعرفونه وهو لا يعرف أحد، وبالطبع هو ليس من أقاربها ولا يمكن أن يكون.

بدأت اصوات التراتيل تتعالى ومعها عادت ذاكرته للوراء، تذكر ذلك اليوم الموعود يوم اللقاء الاخير و تلك الكلمات التى ظل يتذكرها كأنها كانت بالامس القريب: ( اما أن أسلم أو تتنصر فان تزوجنا ولم أدخل فى دينك هجرتنى اسرتى وكنيستى واصبحت بلا دين ولن يمكنك ان تثق فى امرأة تركت ربها من أجل رجل ولا يمكننى ان اثق فى رجل هجر دينه من أجل امرأة، انها لحظة الوداع وليسر كل منا فى طريقه علنا نتقابل فى عالم آخر تتلاقى فيه الارواح لا الاجساد وتسمو فيه الانفس عن الشهوات، الوداع).

لم تتخيل نفسها مع رجل غيره،زهدت فى الحياة، دخلت الدير لتكمل حياتها فى طاعة من فضلته حتى على أحب أحباءها.
كانت النساء امامه اشكال مختلفات تتمنى اية واحدة منهن ان يشير لها باصبعه فترتمى فى احضانه لكنه قرر أن يكمل حياته بلا نساء.

أصبحت هى راهبة أقرب للقديسين، وهو رجل الاعمال الشهير رجل البر والتقوى، بانى المدن والمصانع والمساجد ودور الايتام.

وقف كل من الحاضرين ليلقى كلمة قصيرة عن الراحلة، كاد أن يفقد صوابه أراد ان يقف ويحكى لهم قصتهما ولكنه تراجع فى تلك المرة، قال فى عقل باله ليتنى استطعت ان امنع نفسى من حضور الجنازة بدلا من تلك العيون التى شغلتها الدهشة بحضورة عن الصلاة لها، جاءت لحظة الوداع الاخير بعد انغلاق القبر، لم يستطع ان يتمالك نفسه اجهش فى البكاء، كان دائما يحلم باللقاء الثانى ولكنه لم يتوقعه عند قبرها، اقترب منه احد الرهبان محاولا تهدئته ثم سأله: ما هى صلتك بها؟ أرتبك قليلا أراد أن يقول لها انا اقرب من على الارض لها لكنه لم يستطع قال: كانت صديقة حميمة لاختى قعيدة الفراش وجئت لكى اودعها بدلا منها وأحقق لها تلك الامنية التى قد تكون الاخيرة فى حياتها ثم اهم بالانصراف.

لم يقتنع الراهب كثيرا بما قال، اخذ ينظر باندهاش نحو سيارته التى بعدت شيئا فشيئا فى قلب الصحراء حتى أختفت أسدل مع اختفاءها الستار على قصتهما فى تلك الدنيا اذانا ببدأ فصل جديد منها فى عالم آخر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى