الأحد ١٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
إلي روح الشهيد جهاد العماري
بقلم عمر حمَّش

جـــواد أبيض

عمر حمّش

بعد الجري خلف نعوش المقتولين؛قررت الفوز بساعة غفلة، أقفل فيها عقلي، وأطفئ حيرة عينيّ،ساعة سفر في بحر النوم المسروق ،تقاتل بعضي مع بعضي، وتلاطمت ،فلف ّسريري، لفّ بطيئا ثمّ دار كترس مسنون، فاشتعلت مخدتي ثمّ استعرت، تمنيت القفز فلم أقو ،كنت جثة ممتثلة للنار ،حلقي ملجوم لا يزعق، وناري تأكلني، وعقلي يعمل، أنا رماد هش تابوت تفحم، فيه عقل ينشط

قلت: أهــّز رمادي، فيسقط عقلي، هـزّة وأنهـي أمـري وقلت: فرصـة العمر تأتيني في أخر لحـظات العمر عزمت واستقويت بالله ثـمّ بأ ولياء الدهـر،وقلت: أصيح صيحة، صيحة فأفقـش غلافـي المسود، لوفعلت، فتراقصت صيحتي صامتة كذبالة قنديل، وأدركت أني لن أهنـأ حتى في مـوتي، فأرسل جوفـي دمعـا يغلـي، لحظـتها جـاء ! كــان، غبشا في البدء ثمّ وهو يكاد يلمسني ،فارعا يشهر قامته ــ ذات قامتـه ـ وعينيه الضيقتين ،وكنزة ناعمة من الحرير الأبيض مزمزمة الظـهر، وتبسم كعادته وقال: (يلعن شيطانك) فانفرج حلقي (أنت ميت) فنطق من شفتيه ،ذات شفتيه (وهل الشهداء يموتون ؟)صحت.

أطفئ ناري، فأطفأني فقمت خفيفا عجبا مزهوا، ثمّ تداركت وأنا أتفحصه (ولكن آخر مـرة كنت قطـعا، خـرجت من بطنك كليتاك، ورأسك علي الإسفلت تدحرج، يدك هذه ، يدك كانت مرمية !) فرشقني بشذاه، فعبق الشارع .وهز ذراعيه، وشتم شيطاني، قلت: حدثني يا رجـل! ورجفت من وميض طارئ في عينيه قال: لا شيء، وكان ذلك أهون من وخـز إبرة! قلت: إبرة! فشرح: بعد الانفجار تناثـرت، فنظرت من عيني رأسي إلي أعضائي المتناثرة، فاستدعيتها، فتكاملت، ثمّ جاءني من أصعدني ألي ما بعد الشمس، التي رأيتها حورية تتشكل وهمست:

وكومة اللحم التي دفناها؟ فهّز كتفيه، وأشاح عنى، وتصبب عرقي وهو يرفع كنزته إلى أعلى كتفيه ( صورة, فقط صورة ) ورأيت لحمه بلا خدش، ونورا لمع محل التقطيع، ففركت مقلتيّ، وهرولت خلفه، فإذا بى على ربوة خضراء امتطاها جواد أبيض، لم أر مثله من قبل ولا من بعد، واقترب الجواد، بنظرة ناعمة، من صاحبي، ففهمت نيته ،فصرخت ( خذني ) وأكملت جاريا ( خذني خادما ) وانفرد للجواد جناحان ثلجيان، وصهل كما لم يصهل جواد، وصاحبي نظر ليودعني (وهل أمسكتم بواضع العبوة ؟ ) فاقشعرّ بدني وانخفض جفناي قال: عد لأزقتنا وقبّلها باسمي . فصحت : (تتوق إليها !! ).

وصعد الجواد بفارسه الأمير، وأنا أرمقهما مبهورا"، ولمّا اخترقا غيمة ظللتهما، لطمت خدي لطمة، جعلتني أقفز، لأتحسس صدغي المخلوع من على سريري المنطلق كترس مسنون أسرع من البرق.

عمر حمّش

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى