الأربعاء ٢٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
بقلم محمد أبو عبيد

أهلاً يا "عرب إسرائيل"

يقول المثل الروسي "ويل للخزف إذا وقع على الصخر، وويل له إذا وقع الصخر عليه". هكذا حال الأشقاء الذين درج وصفهم على أنهم "عرب إسرائيل". هم بين مطرقة العنصرية اليهودية، وسندان الرفض العربي لهم. إذا أدرك المرء أسباب الحالة الأولى- المطرقة – فلا تبرير لأسباب الثانية نظراً لوجود ما يجمعهم مع العرب، وفي المقدمة: العروبة والديانتان الإسلامية والمسيحية، بصرف النظر عما لصق بهم من صفة "إسرائيلي" والتي هي من تداعيات الأمر الواقع .

معلوم أن غالبية الدول العربية لم توقع اتفاقات سلام مع إسرائيل، لذلك لا يدخل الإسرائيليون، بجوازات سفرهم، إلى أراضيها، ولا عرب تلك الدول يدخلون إلى إسرائيل بجوازات السفر العربية.

وإذا كان الواقع السياسي يفرض مثل تلك الإجراءات، فإن الواقع الإنساني يدعو إلى سلخه عن السياسي، وإلى التعامل معه بعيدا عن توجسات التطبيع وهواجسه. السعودية، مثلاً، تغلّب الواقع الديني والإنساني على السياسي، وتسمح "لحجاج إسرائيل" بالدخول إلى أراضيها لأداء شعائر الحج من خلال إجراءات خاصة.

ليست الأمثلة على مدى الرفض العربي الرسمي والشعبي "لعرب إسرائيل" بالقليلة، ولعل ضرب بعضها يسد رمق الإفصاح عن معاناتهم. لدى "فلسطينيي إسرائيل" فنانون ليسوا بأدنى مستوى من نظرائهم في أصقاع الأرض العربية، ولا يعرف العرب عنهم شيئاً بذريعة أنهم "إسرائيليون". محمد بكري، من البعنة في الجليل، مقاوم وفنان مسرح وسينما، تتحدث أعماله عنه من دون وساطة لسانية أو كتابية، لكن بكري يرفضه المنتجون والمخرجون العرب بحجة أنه إسرائيلي، وأعماله لا يزايد على وطنيتها أحد مثلما لا يزايد على أدائه أحد ،كما في حيفا، والمتشائل، وجنين جنين...

ريم البنا، الملقبة بفيروز فلسطين لعذوبة صوتها وجمال شدوها، فنانة من الناصرة مستثناة من المشاركة في المهرجانات العربية، ما خلا مصر والأردن، أو يزيد قليلاً، والذريعة أنها "إسرائيلية" مع أنها تغني بالثوب الفلسطيني للمخيم واللاجئ والمعاناة والحب، وليس لتل أبيب والمهاجرين الجدد إليها، والرفاه. من هذا المنطلق تأخذنا المخيلة والتفكير بصور لتساؤلات أخرى حول مدى إمكانية مشاركة موهوبين من "فلسطينيي إسرائيل" في برامج الهواة الفنية مثل ستار أكاديمي وسوبر ستار وإكسير النجاح... فلا ضرر ولا ضرار لو سمح أصحاب المسؤولية السياسية، ومن بعدهم القيّمون على هذه البرامج، للموهوبين من "فلسطينيي إسرائيل "بالمشاركة. حينها لن يكون التعريف بهم معضلة إذا طرأ استشكال حول لفظة "إسرائيلي" خلال برامج موجهة إلى العرب قاطبة من خليجهم إلى محيطهم، لأن البدائل موجوده، أيسرها "فلسطينيو 48".

إن كان ثمة مشكل أو استشكال حول قدوم "فلسطينيي إسرائيل" إلى أحضان إخوتهم العرب، أو ذهاب العرب إلى إخوتهم الفلسطينيين داخل إسرائيل، فإنه من المخجل أن يرفض كثير الفنانين العرب ما هو ليس بحاجة إلى إبراز جواز سفر أو ختمه، كإجراء مقابلات على الهاتف مع إذاعات فلسطينية داخل إسرائيل، خشية أن تُحسب عليهم مبادرات التطبيع، أو ظناً منهم أنهم يؤدون بهذا الرفض الساذج ملاحم بطولية ليس لها من ملامح البطولة مقدار خردلة. هي إذاعات مالكوها وموظفوها فلسطينيون، و أسماؤها عربية لا عبرية، وتحاول تقريب الفنانين العرب من جمهور فلسطيني لا يستهان به داخل إسرائيل. فعلاً "فلسطينيو إسرائيل" هم مثل حكاية الخزف مع الصخر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى