الجمعة ٢٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم أيمن الصلوي

البلادُ التي كــُـنتـُها .. ريحٌ من زمن الأخدود

(شرارة)
 
تصادمتُ والشمسُ
فاحترق الطينُ وانشقّ كفـِّيَ
عن أحرفِ النارِ والهاوية
وقد رُفِعت فوق جدران قريتِنا أذرعُ الخيل
ماكنتُ أسمعُها إذ ترتـّل ما عسّرَ الله في قلبها من غريبات (يس)
كي تئدَ القريةَ الباقية.
ستـُسمَلُ عينٌ
وتـُشرَخُ أفئدةٌ في العراءِ تماماً
كحرفيَ إذ ضاع في درج ٍ نائية ،
فـَقـُوا الأرضَ من قطراتِ السّماءِ بأفواهِكُمْ
سوف تـَعمـُرُ ألسُـنـُُـكم بالهُـتافات
ثمّ اعقِلوا الأمّ في عُنـُق الخيلِ
وانتظروا الكبوة التالية
 
(حريق)
 
* لماذا على الفقراءِ الدعاءُ ؟؟
وفوق الأرائك يثنون أرجلَهم دائنون
كما لو كراسيُّ مُرتـَبـِـعٌ فوقـَها بشرٌ ، قاتلين الفقيرَ ومستأثرين بأخذ الدِّيـَـة
لماذا تشقـّقُ من قبل أرضٍ لنا الساقُ بالجدبِ
والكَرَعُ الجَمّ مختـَبـَنٌ في سُهوبِ المدائن
يلهو به حارسُ الساقية ؟؟
لماذا وقد أغرقَ اللهُ دوحتنا بالتلاوين نسبـِجُها برؤىً بالية ؟؟
فو الله ما نـَزّت الريحُ أرواحَنا من عدم
ولا لاكَتِ الأرضَ أجدادَنا الطيبين بغـُنج
ولا كبـّـلتنا مخادعُ أزواجنا الدافئاتُ عن السيفِ
والليلةُ القانية ،
وما كان تـُبـَّعُ رَدّمَ تلك الأخاديدَ بالنار كي يشوي الطيرَ وقت التـَّهاجُر
كي يطعمَ الثـُلـّةَ الجائعين
وما كان فرعون يبغي النبوّة
فلا تـَقنـَطوا من هـَيـَابة أسيافـِكُم
وأميطوا عن التـُبَّعِ الأعيُنَ الخاوية .
....
هنا لم يـَعُد يزرعُ اللوزَ جدّي
وما كانَ
إلا لأنّ السّماءَ تصُبُّ على رأسِه كلّ يومٍ
من الحُبّ للموتِ ما ليس يـُبـدِي
ولمّا يَزَل يتـَمـَطـَّى السوادُ
وقد أُُسرِِجَت دون أدنى التـّفاصيلِ أفواهُ
والتـُجـِمت أفئدة .
...
ـــ دم ٌ نازفٌ ـــ
وها أيقنَ الدّمُ أنّ التـُّرابَ يسيـلُ على جانـِبيه ليُمحى إذا مارأى النور في ذات غيم
و أنّ الحروفَ تـُخطّ به ليـُـنال الرِّضَى
ففرّ إلى شاسِعاتِ الدِّمـَن .
 
* يرى واحدٌ أنّ في كلِّ بيتٍ تنام السّماءُ
وينسكبُ الماءُ من بينِ أركانـِها تارةً
ويقرعُ أكبادَ أخرى الضياء
على الرّغم من طفو صفو السماء
على الناس في دارِهم كلَّ حين ..
ورغم الطّحين
الذي فاض مذ لم تذقهُ المخازن في حيـّهم مرة ثانية .
 
ورغم التعاويذ ،
يسقـُطُ في دمها آخـَرٌ ، وحيداً
وقد كان في حاشية ،
بجنحة أن الترائي شكّ يمس طهور يدٍ لاتنجّس ،
أنّ الرؤى فتنٌ عاتية .
 
يردد آخرُ :
إن التنادب ساق سفين التسالم للجُرف من دون أن يبتقي أملا،
يذكـّرُ أبـّانَ يوم السقيفة
كيف التشاورُ عبـّأ أرواح قوم يخافون أن يـُسألوا ذرّةً ، وجلا
فجالوا بأرجاءها فاتحين ، وقد أخلصوا النذْر بعد النية .
وما زال يذكـُر
حتى جرى خلفه الناشئون بــ"مجنون"....
شـَجّوا له الناصية.
وما زال يجري
وخلف خُطاه التلافيقُ تجري
كأن السماء تـَبَرّأُ منه .
فزلّ التهرول ،
والليل كالدم ما عاد يسري
 
ـــ دمٌ ناشِفٌ ـــ
وها بزّت الأرضُ أجزاءَها منك ،
ألقتكَ والسيفُ بين التراب
فغُص أمـَدا .. إنّ فيها بـَدَن .
 
...
هذي البلادُ
أنا كـُنتـُها -وما كنت أطمع ،
لولا أبي الجبلَ .. اللهُ كان له شاءَها -،
فعانقتـُها ، رغم أنيَ حين تنشـّـقتُ من دمها عـِفتـُها
وأسدلتُ أوجاعَها في القصيد
وغيـّمتُ أنـّاتِها فوق وجهي،
تبسّمتُ في وجهِ أطفالِها
قلتُ إنّ الديارَ ستـُنجـِبُ سبعا ً من السنبلاتِ
لتفلـِقَ صدرَ الرياحِ بشيءٍ من الماء
والقـُطـُفِ الدانية
وقبـّلتُ فلاحةً حين قالت، وغارت بأصبعها في الدخان : هنا أُطفئَ الزارعُ اللحمَ في داخلي وسَكَن
بـَكيتُ على غيدِها حين مـِلنَ عن الدارِ
سافرتُ في حزنهن على النار
والطفلُ مازال يرنو لعين السماء بلا تـَنجيـَة.
 
هذي البلادُ التي مات فيها من الناسِ ناس
أوَدّ لو انسلخ العرشُ من صهوةِ الإرث فيها ،
وفرّ قـُبـَـيل صباح التّماس
وشاخَ التكتـّل ، دون القسم .
أوَدّ ،كأنيَ أهذي من الجوعِ، لو أقسِمُ الخبزَ
ما بين قلبي المذابِ عليها
و مابينَ أجفانِها إذ تـَهـِن .
 
أوَدُّ .. ولا شيء يأتي لـِوِدّي
فأُدركُ - أن الذي نام في الأرضِ ما كان شيئاُ ليُسألَ فضلا
وأن الذي ذابَ في الطينِ طين .
....
(رماد)
تضجّ المداخلُ بالصمتِ ،
والصوتُ لايلـِجُ الصدرَ إلا لتـُسفِكَ أصداءَهُ دونهُ
قـُل ستعلـكُ اوصاله مدنٌ وتموتُ بهِ
رُغم زَعم الصفيّ الذي جاءها باللقيماتِ
أن البيوتَ السكوتُ.
وإن لم يمـتن
سيحيين كالدم بين اندلاع اللسان بــ "أوّاه" .. والنسل بين نـُجُوع السُرُر .
ولاشيئَ يبقى سِوى الصوت ينشرُ أطرافـَهُ
وقرىً غافية.

النص مشاركة في المسابقة الأدبية الرابعة – ديوان العرب

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى