السبت ٢٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم عمر يوسف سليمان

الشَّيخُ الصغيرْ

للغائبينَ بظلِّ روحيْ
وردةُ الأحلامِ
تزهو قربَ نايٍ من حنينْ
يعدو وميضُ الأمسِ فوقَ مقاعِدٍ
ذرفتْ دموعَ الذكرياتِ على وريقاتِ الخريف فيعتريني الشوقُ
والحزنُ الجنونْ
وأسيرُ وحديْ في غيابِ الراحيلنَ
بزحمةِ الغرباء عنيْ
والأماكنُ قد ثوتْ في صمتِ عزلتها لتبسمَ في سكونْ
فأطلُّ مكترياً شروديْ
خلفَ نافذةٍ تعرَّتْ من ستائرها
ليجرحَني نسيمُ الوجدِ
يعبثَ في حشائشِ غربتيْ
ويعودَ بي نحو الوراءِ فألتقيْ أطيافَ من رحلوا
على مرجِ انتظاريْ...
قد أكونُ رأيتهم لمَّا أتيتُ معَ الخريفِ لمرةٍ!!
لكنني قد عدتُ ألقاهُم
ويجمعني بهم شملُ النوى
وأنا وحيدا
ولقد أكونُ رأيتهمْ في صُدفةٍ
نَسَجَتْ على قلبيْ بنولِ رموشهمْ
وعداً سيأتيْ...
غير أنَّ رياحَ غربتنا القويَّةِ فككتهُ فَطارَ في دربِ التنائيْ
كي تفوحَ روائحُ الحِنَّاءِ لمَّا ترتميْ كَفُّ ارتقابيْ في ضفائرِ بعدهمْ
كروائحِ التفاحِ في كَفِّ الصَّبَا
وتعيدَ روحيْ ما جنته شفاهُ أحلاميْ بنهدِ محبةٍ
في صبحِ كانونٍ بعيدٍ
كي أضاحِكَ شهوتي بالقربِ من زهرِ الهوى
لكنني أبكيْ بعيدا...
 
**
للغائبينَ بِظِلِّ روحيْ جَرَّةُ الأشواقِ
ترنو في شرودٍ
قربها الصفصافُ يدنو فوقَ نهرٍ من غيابْ
وأصيلُ أحلاميْ يناجيْ ضِفَّةَ الأيامِ في ثغرِ المدى
فيشيعُ كونُ تفكُّريْ لحناً شفيفاً
مالَ من نخلِ السماءِ
وجرَّةُ الأشواقِ ما انفكَّتْ تغسِّلُ في مياهِ الوجدِ
أدرانَ الخطايا إذ نسيتُهمُ بغاباتِ الورى
وكأنها باتت إلهاً من ترابْ!!
فإذا سرحتُ على أكفِّ حديقةٍ ثملتْ بهمسِ العاشقينَ
وقد حملتُ بِكَفِّ ذاكرتيْ حقيبةَ من مضوا
أهفو إلى أحدِ المقاعِدِ
كم صنعنا من منادمةِ الصحابِ زوارقاً نشتقُّ فيها
بحرَ أيامِ الصعابِ ونحنُ نقبعُ هاهنا!!
كم مرةٍ همنا بأروقةِ الفضاءِ الرحبِ تسبقنا الأمانيْ
لم نكن ندريْ بأنَّا ننقشُ الأحلامَ في كفِّ المقاعِدِ
لم نكن ندريْ بأنَّ حديثنا بالقربِ من توتِ الحديقةِ
سوفَ يغدو قزَّ غربتنا
نحيكُ بهِ ثيابَ الأرضِ في وَطَنِ الشتاتْ!!
أو أنَّ صمتَ السرو إذ يلهو على كَفِّ النّسائِمِ
سوفَ يغدو لحن جيتارٍ شجيٍّ
حينَ نرخيْ قبَّعاتِ الصمتِ
ينشدنا ترانيمَ الجوى
والذكرياتْ
أو أنَّ ليمونَ الحديقةِ حينَ حركَ رأسهُ حزناً علينا
كان يبذُرُ في ترابِ الروحِ ليموناً سينتشُ كي يضاحكنا
ويبعَثَنا إلينا من جديدٍ...
لم نكن ندريْ بأنَّ حنيننا سيهزُّ أغصانَ التذكُّرِ كي تهبَّ طيورُ ماضينا
وترسمَ في غمامِ حديقةِ الأرواحِ أغنيةَ الأحبَّةِ مرَّةً أخرى
فتغدو الذكرياتُ لنا حياةً في الحياةْ...
هاعدتُ وحديْ هاهنا
ماعُدتُ وحديْ
إنَّما قد عُدْتُ مُصْطَحِبَاً صغيراً
طالما أقعى بحضن أماكنٍ شُغِلَتْ بطيشِ العُمْرِ
أو بلهاثِ ضِحْكاتِ الصبابةِ
عُدتُ مُصْطَحِبَاً صغيراً ليس يشبهني كثيراً...
وجهه الذكرى وكفََّاهُ ربيعُ الأمنياتْ
وأنا هنا شيخٌ كئيبٌ
حينما جفَّتْ مدامِعُهُ وأفرغَ مَعْ صغيري كأسَ من رحلوا
تربَّعَ وَسْطَ من رحلوا صغيريْ
غيرَ أنَّ الشيخَ ماتْ...
 
***
للقابعينَ بِظلِّ روحيْ
سوفَ أملأ سلَّةَ الأحلامِ من وَرْدِ انتظاريْ
سوفَ أحزِمُ عطرَ همسهمُ البعيدَ
وفي أصيلِ البعْدِ أطرِقُ
ثُمَّ أنظُرُ في دروبِ مواجدٍ لمَّا تطأها بعدُ ذاكرتيْ
ومذهولاً أسيرْ
ولقد أعودُ إلى هنا من بعدِ حلمٍ
رُبَّما حلمينِ!!
مُصطحباً قصاصاتِ الأمانيْ
والحنينَ
وحبرَ أغنيتيْ
وأكثرَ من صغيرْ...

النص مشاركة في المسابقة الأدبية الرابعة – ديوان العرب


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى