الأحد ٣ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
يوميات في الصحافة والأدب
بقلم بيانكا ماضية

بطاقة إلى قلب فيروز

كنت تترقبين مجيء فيروز إلى دمشق لتشارك في احتفاليتها عاصمة للثقافة العربية، ويتردد صدى أغنيتها (أنا هنا جرح الهوى) في أسماعك، وترحل بك الذكريات إلى سنوات لاتزال أصداؤها تعبر في خيالك، وإلى طرقات سفر شدا فيها الصوت مترنماً بالحب، بالسلام، بالقدس، بالشآم التي لم يغب سيفها ومجدها، شآم الأمويين التي فتحت ذراعيها للحب، لقمر أيلول ليطل من بين السحب ...

وتابعت تفاصيل الحكاية مذ أن كره الكارهون لمجيئها إلى دمشق، خالطين أوراق الفن بالسياسة، أوراق الياسمين بوحل النفاق ... واتصلت بمن يدلك على قطع التذاكر لحضور مسرحيتها، ولم تجدي بداً من السفر إلى دمشق، بعد أن سمعت عن آلاف العشاق الذين تجمهروا أمام دار الأوبرا، حاملين بطاقاتهم الشخصية وجوازات سفرهم للعبور إلى قلب فيروز، إلى مكان يضمها وإياهم تحت سقف واحد ... وسافرت وصديقتك التي يهفو قلبها لرؤية حمامة السلام القادمة من البرد والقر، ونعتكما الكثيرون بالجنون، وضحكتما طويلاً لهذا الجنون الجميل الذي يسري فيكما ... أربع ساعات ونصف وتكونان في دمشق، وتحجز كل منكما تذكرتها جائزة انتصار وعبور إلى ضفة أخرى على بساطها يطير النورس وتشدو البلابل ....

وفوجئت وصديقتك بطوابير العشاق التي اصطفت غير عابئة برياح كانون، كأن العشق يذر دفئه في العظام، كأن الأغاني سلال حنين تأتي بها فيروز لتنثرها في القلوب.

وانضممتما إلى تلك الطوابير، وكانت ساعات الانتظار دقائق، ولكن أنّى للعشاق أن يصلوا ... لم يبق في الجعبة غير تذاكر قليلة لاتكفي لكل عشاق فيروز، ورجعت أدراجك بخفي حُنين، لكن الحنين الذي غنته ذات يوم فيروز، ولم تكن تعرف لمن طريقه، قد عرفتِ طريقه أنتِ .... إنه للياسمين، لقاسيون، لمدينة يستيقظ أهلها كل صباح على هدير بوسطة، على سلام يأتي به عصفور الجنائن، على سؤال يدوي فيه الصوت (وينن ... وين اصواتن ... وين وجوهن) وتدركين أن جواب السؤال سمعته فيروز حين التقت بأحبابها، حين سمعت أصواتهم ورأت وجوههم تلك التي اشتاقت لإطلالة سحر الملائكة قادماً من السماء .

فيروز غنّت وحملت مظلتها على المسرح ... وحملت أنت وصديقتك أحلام رؤية لاتزال تنتعش في فؤاديكما كلما أطلت عاشقة الشآم على العيون .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى