الخميس ٧ شباط (فبراير) ٢٠٠٨

بدر غاب عن سمائنا

بقلم: صالح زيتون

تعرفت إلى بدر عبد الحق في منتصف السبعينات حينما جاء زائراً إلى قطر التي كنت أعمل فيها أنذاك، ورغم أننا التقينا عرضاً في مكتب صديق إلا أن الكيمياء لعبت دورها بيننا وألفينا أصدقاء منذ ذلك الوقت، ومع أننا لم نكن نلتقي كثيراً بحكم موانع أعمالنا المتباعدة جغرافياً، لكننا بقينا على تواصل زاد من حرارته انني عملت مع بدر مراسلاً من الدوحة لصحيفة الوثبة التي كان يدير تحريرها في أبوظبي التي شكلت صدمته الأولى حينما أكل عليه مالكها حقه وحقوق العاملين في الصحيفة ومن بينهم كاتب السطور دون أن يرف له جفن، إلى أن أبعد بدر من الإمارات لإسباب سياسية وعاد إلى موقعه الهام في جريدة الرأي التي تألق فيها كاتباً لامعاً ومحرراً من الطراز الأول.

واسجل لبدر حرصه منذ البداية أن نعيد التواصل الإعلامي فعملت من خلاله مراسلاً للرأي في قطر نحو15 سنة والتقينا في غضون ذلك مرات عديدة في عواصم كثيرة كمشاركين في مؤتمرات عربية وعالمية وكانت صحبته خلال تلك اللقاءات من أمتع ما يمكن لأنسان أن يحتفظ به من ذكريات جميلة ، إلى أن جمعنا القدر ثانية في عمان في أوائل التسعينات قبل أن يغيبه المرض اللعين عن أحبائه، وأذكر هنا أنني اكتشفت أنه يقطن قريباً في موقع عملي في جامعة العلوم التطبيقية حيث كان يعرج لزيارتي كلما فاض به الشوق وعن له أن يفضفض عما يعتمل في صدره، وهوكثير، مما كان يعانيه في تلك المرحلة من خيانة الأصدقاء واحباطات الحياة.

وذات يوم اتفقنا على لقاء لم يتم ولم أراجعه ظناً مني أنه غير عابئ أومشغول أوناس، حتى رابني الأمر بعد أسابيع واتصلت به في المنزل فردت علي السيدة الفاضلة زوجته التي قالت لي بأسى: للأسف بدر فقد الذاكرة منذ فترة، وصدمتني المفاجأة وجاملتها بكلمات سريعة لأنهي المكالمة وأنا أستعيد اللقاء الأخير مع بدر الذي بدا فيه سارحاً هائماً محبطاً، لكن لم يخطر ببالي للحظة أن الصدمة ستفقده الذاكرة إلى هذا الحد فعذرته لعدم وفائه بوعد الزيارة وسألت الله اللطف به وبنا نحن أحباؤه الذين ما زلنا نعاني من نفس الاحباطات التي أرهقت دماغ بدر وأحالته جسداً بلا ذاكرة.

أنني اذ أترحم على بدر وقد أختارته العناية الإلهية لتنهي رحلته الصعبة مع المرض اللعين، لأتوجه إلى عائلته الطيبة بأن يعوضها الله عن بدر صبراً وسلوانا وذكرى طيبة لرجل طيب سيذكره ايضا محبوه الذين افتقدوا فيه بدراً كان يضىء سماء الساحة الإعلامية والثقافية ردحا من الزمن.

بقلم: صالح زيتون

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى