الأحد ١٠ شباط (فبراير) ٢٠٠٨

باسم فرات إلى النثر الجاد

بقلم: وجدان عبد العزيز

العين الشعرية الراصدة التي ترافق باسم فرات جعلته يستخدم أسلوب السرد الموضوعي في الكثير من اشعاره مما فض بكارة نرجسية الشعر وقربته من الشاعر الحكواتي أي الشاعر الشعبي الذي ما أنفك يقنص عوالمه المحيطة، ليدلقها في ساحاته الشعرية يقول:

التحف أمانيك

وأتخذ من عزلتك سريرا

ها هو نكوصك يتطاول

يعني استخدم أسلوب السارد العليم وبانت قدرته على هذا من خلال الشعرية التي تمس جمله يمس الشفافية والرقة...

أناملك تُسمع فيها الزقزقة

وخفقاتك..

قداس لتموز البابلي

على كتفك مواويل نخلٍ ودموع اسٍ

لكن باسم فرات تُغتصب شفافيته ويخرج من عرين الشاعر الذي يقتنص لحظات الشعر من مشتبك الذات الى محيط الحياة الساخن..

وفي لسانك خمسون قرنا من النحيب

شرطي بهيئة شاعر

جاهدا

يقود الغبار الاعمى

ما الضرورة التي جعلت الشاعر أن يكون شرطيا ما هي؟
(سوى الدسائس والخيانات)، ولانه أيضا عاش وسط مجتمع بوليسي جعلت أمنياته أي الشاعر أن يجعل نموذجه (جنرال بلباس رب عمل)
ويخاطبه(ليسومك لغة المنفى ورائحة الثكنات).

وتظل عين باسم فرات الشعرية ترصد حالاته النفسية وسط حصارات متعددة، حتى يصرح بحقيقة مرّة قائلا:

.. بينك والمآذن ذكريات وبحار وجيوش غزاة

فالشاعر مكبل في كل مفردات الحياة، لذا يقول:

أنت تقول: النهار عبودية

تفرس مخالبها في فم الوقت

فارقص على جثتك الى اخر الوهم

هذه إفرازات الحياة يحمل أوصابها باسم فرات وفيا صادقا بمقتضيات الايمان الحقيقي من أجل إعادة صناعة الحياة من جديد أي استثمار..

ماضيك تقرعه بكل فطنة

بينما ايامك المقبلات

تتسربل بمدلهمات الثياب

ويقول: اصغي له

يوشك البوح ان يتهجد في لسانه

الرقة ذابلة فيه

لان (.. آيته النقاء) حتى ولو (يزهو بأخطائه

ولياليه يطرزها الاسى

واقماره ملأى بالبكاء..)

هكذا الشاعر يحمل نفسه بمشكاة الالم والاوصاب والحصارات المتعددة انزلته من سماء الشاعر الى قاع الحياة، فبات يرسم معالمها المؤلمة التي جرته الى استعمال الكلام المباشر الذي فقد بريق الشاعرية غير ان الشاعر يلتفت لهذا فيغوص في اعماق البحار وبدون قصد اللاليء نفسها انما تأملها وتأمل رونق البريق..

اغني للوردة

بينما يحاصرني الحزن

ثم يقول: العبق المنتشر كدبيب فوق ساقيك

الحروف في بيتي

لكن القصيدة تتهيكل

العبق والهم والحب: مفردات تخلق اشكالية انبثاق القصيدة، وكلما انحاز الشاعر للورد والحب كلما دخل آمنا في خيمة الشفافية، وعمق المضامين واستوالدها المعاني الموصلة..

(ياله من جنون يختزل القصيدة

اعني أنت

كل النساء اللواتي عرفت

واللواتي سوف اشم شهواتهن بحماقاتي

شممن صهيل السواتر في زفيري

هكذا باسم فرات بين الصعود الفردوسي والنزول الارضي في تلك المسافة يخلق اشكاليته الشعرية مدجنا بذلك قاموسه الخاص وفق رؤية التميز، ورغم انه قد يعزف في نفس الالة لكن بتوزيع لحني جديد ليواصل محاولاته في الصعود...

تستغفلني الحرب، فتكنس افراحي

امسك بالسراب

هذا التواصل بالتمسك جعل الشاعر (في اقصى الجنوب جنوب) مستفزا بذلك (..هديل شفيف يلامس الورقة)و(ابواب تقودني الى البهاء)..

والحقيقة أن الشاعر يقودني انا المتلقي وارهاصاته الانسانية الى (شهوة الخلود) بمعاناة الانسان الشاعر الذي يبحث عن الحقيقة، فيصور مداخله ومخارجه وصعوده ونزوله بصور شعرية مباغتة قريبة مما يقول عنها العرب بالسهل الممتنع..

دلني....

كيف ارسم بروقي فوق سريرك

دلني..

دلني ايها السواد

وهنا عكس البروق على السواد او نادى السواد رغم انه هو البروق وانا اركب صهوة صوره الشعرية اظل تقصرني المسافات لاتحلى بالوان الاكتشاف مساقا بدافع الحياة الناطق كما يقول فرويد وهو دافع الجنس الذي يستدعي التواصل مع الاخر ثم تكون الرؤى عند باسم فرات كالبندول متأرجحة بين دافع الحياة بصخبها وبين دافع الموت بصمته واراه يؤسس لتكوين رؤية خاصة يحاول النظر اليها من خلال كوة من صناعة وضعه الخاص....

بقلم: وجدان عبد العزيز

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى