الخميس ١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم زياد يوسف صيدم

الخنفسة

وصل حسن إلى بلاد أوروبا هاربا من واقع أليم يفوح منه الفقر والعنف والاقتتال بين الأشقاء فحطه السائق إلى عنوان كان بحوزته لقريب من طرف أحد خالاته...بعد شهرين من العمل في أحد المصانع للملابس حيث كان خياط صاحب ذوق رفيع ومبدع في أحد قرى العالم العربي الكبير ...وهناك بدأ في رحلته المتجددة حيث الآلات الحديثة والتقنيات التي لم يرها من قبل...تأقلم في عمله الجديد فقد كان لماحا وسريع البديهة وعنده قابلية قوية لشق طريقه وتغيير حاله بؤسه وفقره ...في مكان عمله الجديد بكل معانيه كان يعج في العاملات من النساء التي لم يرى مثلهن جمالا فأبشع واحدة كانت بمثابة ملكة جمال في قريته..!! في أثناء عمله الذي حاز على إعجاب صاحب العمل كانت نظراتها لا تفارقه ترسل له بابتساماتها بين الفينة والأخرى وعند ميعاد الغذاء حيث الوجبة الساخنة التي تقدم مجانا في معظم مصانع أوروبا كانت تأتى لتجلس بجانبه وبدأت في التقرب إليه ولم يطل الوقت حتى عزمته في يوم عطلة على العشاء في بيتها...

تصور حسن بأن يجدها مع أسرتها ولكنه تفاجأ فهو لم يتعرف على طبيعة البلاد وعاداتها الاجتماعية بعد فلم يمضى على قدومه الشهرين ...كانت تنتظره بملابس فضفاضة وقد أشعلت شمعة على مائدة العشاء وخفضت من الأنوار واقتصرت ها على أضواء خافته زادت من شدتها أنوار تنبعث من الشمعة فتضيىء طاولة العشاء التى كانت تعج باصناف من ما فاض به البحر المتوسط... كما توسطها زجاجة من النبيذ الأبيض ...لم يستسيغ طعمه في البداية ولكن سرعتان ما شرب حتى ثملا الاثنان وشارفت الشمعة على النهاية فوقف ليغادر البيت شاكرا لها ضيافتها ولكنه لم يتمالك صلب طوله فقد كان حديث العهد على هذا المشروب الأبيض العجيب....

فقاطعته قائلة له الوقت متأخرا فالساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل ولم يعد يعمل مترو الأنفاق وآخر باص قد اقلع منذ نصف ساعة فلما لا تستريح حتى الصباح...حيث في الغد العطلة الأسبوعية والمصنع مقفل....فاقتنع فحضرت له الحمام والبيجامه وقبل أن يفكر أين سيخلد للنوم بدأ في تفقد الشقة بنظراته فقصرت عليه الطريق وبدأت في شرح الأبواب التى لم تكن موجودة سوى باب غرفة النوم الوحيدة في شقة صغيرة اقتصرت على صالون به طاولة سفرة وركن مطبخ وشرفه تطل على الشارع ثم غرفة النوم وبها سرير واحد وما أن رآه حتى ارتمى عليه متثاقلا ولكنه كان منتشيا تهرب من بين شفتيه ضحكات طويلة خافته وبصعوبة تعرف على أسبابها الرئيسية في عدم امتلاكه لحرية الحركة بتوازن طبيعي مما زادت من ضحكاته واستغرابه من نفسه...كانت ريمون تشاركه تلك الضحكات وما لبثت أن رمت بنفسها بجانبه على السرير الوحيد في الغرفة......

لم يكونا لوحدهما فقد كان الشيطان ثالثهما وتوسطهما حيث جعل من ريمون أنثى بمعنى الكلمة تفوح منها روائح العطر الباريسي وبصوتها الخشن بالرغم من كونها لا تدخن السجائر ؟ والذي اخذ في ارتفاع بالرغم من خفوته !! وحسن الذي تجمعت لديه سنوات من الكبت والحرمان وها هي الفرصة قد جاءت بين ذراعيه فترك لنفسه العنان ولم يحاسبها ولم يؤنبها كما هي عادته على الدوام حيث فاتته صلاة العشاء كما الفجر لاحقا......

وفى الصباح تذكر شيئا هاما فأراد معرفته من ريمون فأراد سؤالها فسارعت إليه بان لا يسألها الآن وإنما فيما بعد؟؟..... تكررت السهرات وتكرر في عقله سؤال مؤجل...حتى فاض به وبدون مقدمات قال لها كيف بك حتى الآن تحتفظين بعذريتك وما زلتي عليها بالرغم من كل ما حدث بيننا فقد كان يعتقد حسن بأنها تمارس الجنس بطريقتها الخاصة حفاظا على عذريتها ؟!... وهنا بدأت ريمون في الضحك بشكل هستيري بصوتها الخشن مقارنة مع أنوثتها الطاغية وبدا على وجهها علامات الذهول وبادرته القول يا حسن هل هذا ما فهمته أنت عنى؟؟ وضحكت بجنون وضمته من جديد وبدأت معه بنفس الأسلوب المتكرر في كل مره..!!

وفى يوم وهو بانتظارها في حديقة عامة كعادته بجانب المصنع مرت من أمامه فتاة في غاية الجمال تظهر مفاتنها بتنوره قصيرة جدا تسال عن كلبها الضائع فبدا صوتها خشن يشبه صوت صاحبته ريمون تماما وبعد قليل سمع عجوز يجلس بجانبه يهز برأسه ويتحدث لنفسه وعلى سمعه قائلا هذا زمن العجائب يذهبون إلى (الدار البيضاء ) ويعودون بهذا الشكل.. ضحك العجوز وضحك وهو ينظر إلى حسن بنظرات لم يستوعبها حسن بعد.؟!.. فقد كان العجوز تعود أن يراه مع صاحبته ريمون في الحديقة العامة !!.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى