الخميس ٢١ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم سليمان دغش

اقرأْ

البحرُ قَلَّدني وسامَ الريحِ
كانَ البَحرُ مفتاحَ اكتشافِ الروحِ سرَّ الماءِ
في غَبَشِ الرؤى
مذ قالت الصحراءُ كِلْمَتَها الأخيرةَ في دَمي:
إقرأْ
قرأتُ فراودتني غيمةٌ مائيَّةُ التكوينِ
طارَت فوقَ أجنحةِ الملاكِ وَزَمَّلتني
فامتلأْتُ بزمزمِ الكلماتِ
والكلماتُ سيِّدةُ الوجودِ السَّرمديِّ
هناكَ كانَ الماءُ وحياً سابحاً
ما بينَ كافِ الكُلِّ والنونِ التي انفجَرَتْ
ببركان الحقيقةِ
في الخليقةِ
إذْ تجلّى اللهُ فوقَ الصخرةِ القُدُسيَّةِ الأولى
ليبتدعَ العَليُّ العَقلَ
ثمَّ النَفسَ
يُلحِقها بسابِقِها
ويتبَعها بتاليها
فيكتَمل الوُجودُ
البحرُ قلَّدني وسامَ الريحِ
والصّحراءُ هاجِسُ وِحدَتي وتَوحّدي
والبحرُ قلّدني وساماً آخراً لا ريبَ فيهِ
كُنْ شبيهي قالَ
واكتَشفِ الحقيقةَ في تجلّي الذاتِ
خلفَ كثافةِ المرآةِ
إنَّ الغيمَ مفتاح النّدى
والليلُ ثوبُ النّفسِ تكفي ومضةٌ منها
لتخلعَهُ وتعلن شمسها
فاخلعْ قميصكَ عندَ بابِ البَحرِ
إنَّ عباءَةَ الصّحراءِ واسعةُ المدى
لا حدَّ بينَ البحرِ والصحراء إلاّ هاجس التوحيدِ
بينَ فراشتينِ على سنا المصباحِ
والمصباحُ مشكاةٌ تُضيءُ بما تُضاءُ
وللفراشةِ أنْ تعودَ إلى حديقتِها
حَقيقتِها
إذا اشتعَلتْ تُضيءُ بجانِحيها ما تُريدُ
هيَ حكمةُ الصّحراءِ قالتْ:
كُنْ شَبيهي
واكتَشفْ لُغَتي فلي لُغةُ إذا قُرأَِتْ
على جَبَلٍ تصدّعَ خشيةً
ستزُفُّكَ الشُّهُبُ التي احتفَلتْ بميلادِ الهلالِ
على مآذنِ نخلكَ العَرَبيِّ أَخضَرَ
تِلكَ خارطةٌ تنامُ على يديكَ
رَسَمْتَها بصهيلِ روحِكَ في دَمِ الصّحراءِ
قُلتَ حدودها في الريحِ بينَ الماء من جِهَتينِ
يا للرّيحِ
كيفَ جعلتها فرساً لروحِكَ
وانطَلقتَ تُفسّرُ الرؤيا برؤيَتِها لِرؤيتِهِ
إذا اتَّحَدَ المشاهِدُ بالمُشاهَدِ واختفتْ
ما بينَ بينهما الحُدودُ..
ستدلُّكَ الصحراءُ أنَّ البحرَ خصر الريحِ
والصحراءُ قوسُكَ بينَ خاصرتينِ زرقاوَينِ
كم سهماً سترمي أيها العرَبيُّ بينَ الماءِ
من ماءٍ لماءٍ
يأخُذُ الصّحراءَ أبعَدَ من سرابِ الرَّملِ
كم سهماً سيخترق انحباسَ الغيمِ خلفَ أصابعِ الصّحراءِ
كيْ تلدَ السّحابةُ برقَها في راحتيْكَ
أم انَّ دونكيشوتَ عادَ على حصانِ الوهمِ
يمتحن الطواحينَ الجديدةَ في دمِ الصحراءِ
فاحذرْ من طواحين الهواءِ الأطلسيِّ
على جناحِ الرّعدِ يَحملُها الحَديدُ
لِيَظَلَّ قوسُكَ ملكَ نفسِكَ
ليسَ للصّحراءِ إلاّ ريحها
هِيَ روحُها
لا وهمَ في الصّحراءِ إنَّ الريحَ مثل الروحِ
أوَّلها كآخِرِها
وليسَ لها ..لأوَّلِها وآخِرها حُدودُ
البَحرُ قلَّدَني وسامَ الريحِ
والصَّحراءُ وعدُ الروحِ بينَ بدايَتي
ونهايَتي
اقرأْ......

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى