السبت ١ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم ميلود بنباقي

ذباب الكلاب

كلب أدهم يتبع مربيته الشقراء إلى حديقة الحي. ينجز تمريناته الرياضية، يقضي حاجته الصباحية فوق عشب بلله الندى. يأخذ حمام شمس. يتحرر، لدقائق، من سلسلة عنقه الذهبية.

يغضب الكلب مني، فأتراجع عن تعبيري الخاطئ وأستدرك: يتحرر، لدقائق، من ربطة عنقه الذهبية.

حارس الحديقة يتابع المشهد بذهول، أو بحنق. يرسل تنهيدة حارة وينبطح على الأرض مثل الكلب.

(يغضب مرة أخرى، فأصحح: ينبطح على الأرض مثل أي كلب آخر).

يزحف على يديه وركبتيه. ينبح كالمسعور، يرفع قائمتيه الخلفيتين ويتبول. يقعي عند بوابة الحديقة ويهش بذيله المعقوف مرحبا بالزوار. ينبش العشب بمخالبه، يحلم بمربية شقراء وقلادة ذهبية وحمام دافئ وحليب وهلالية وشريحة لحم و...

يتمادى في أحلام يقظته تلك، فيهاجمه ذباب الكلاب. يلتصق بفروه القذر ويمص دمه. تصيبه حكة شديدة ويشله فقر الدم. يحاول أن ينهض ليستوي حارسا للحديقة كما كان قبل قليل، لكنه لا يستطيع.

يتوارى خلف الأشجار الكئيبة ويقضي بقية عمره كلبا أجرب يحك جلده ويطارد ذباب الكلاب الشرس.

يلملم الكلب الأدهم أغراضه ويهم بالانصراف، يغمز ناحيتي بعينيه. أنحني له احتراما وأهرول للبوابة الكبيرة.. أفتحها على مصراعيها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى