الخميس ٦ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم محمد ملوك

سن الرشد وقصص أخرى

سن الرشــــــــد

كانا يتدارسان كعادتهما أخبار الماضي والحاضر والمستقبل، وفجأة سأله ببراءة الطفولة:
ـ متى يصل الإنسان إلى سن الرشد يا أبي؟؟؟؟

فكر مليا ثم أجابه بلوعة تخفي في طياتها آثار الإكتواء بنيران الأيام وغدر الشهور والأعوام:
ـ إذا فقد الإنسان عقله وجن جنونه وخرجت تصرفاته عن نطاق المألوف والمعتاد فكن على يقين أنه وصل إلى سن الرشــــــــــد.

تنفس واختنــــاق

سأله صديقه الوفي:
لماذا تكتب ما دامت الحال هي الحال، ولماذا تتعب نفسك في البحث عن رؤوس أقلام لأفكار لا تزيدك إلا هما وغما، ولماذا لا تبحث عن شيئ يغني ويسمن بدل هذه الكتب التي أضعفت بصرك وشغلت وقتك وأفقرتك في زمن وصل فيه غيرك ممن لم يقرأ حرفا واحدا إلى وحدات الوزارات وأعلى الإدارات؟؟؟

أجابه بثقة في النفس وسعة في الصدر:
ــ أكتب لأتنفس هواء لا يعرف تركيبة نسماته إلا من غازل الحرف في جنح الليالي وقبل صفحات الكتب على ضوء الشموع واختلى بالكلمة ليضاجعها سرا كي يرى بعد ذلك حملا يزيل عنه حملا ثقيلا.، وأقرأ لأحقق أمر رب كريم ولأصنع لي مكانة في الزمان والمكان لا يصنعها لا الجاه ولا المركز ولا غير ذلك....
وأنت لماذا لا تكتب مادمت تملك القدرة على ذلك؟؟؟
ـ أنا ههههه لا أكتب ولن أكتب لأنني ببسيط العبارة لا أريد أن أختنق.

أزمــة سكن

إزدرد طعام الفطور بسرعة خيالية ثم تمدد فوق أريكة بالية، وعلى ورقة ناصعة البياض وبقلم رصاص غير منجور قطـَّع أمواج بحر طويل ولسان حاله يردد: " فعولن مفاعيلن فعولن مفاعل "، وفي الليل البهيم الأسود سألته عجوز تقوس ظهرها من كثرة الركوع للخلق والخالق:

ـ ماذا كتبت اليوم يا ولدي؟؟؟
أجابها بكبرياء قل نظيره:

ـ لقد كتبت قصيدة من مائة بيت وبيت.

نظرت إليه نظرة شزراء، وتأملت بعينيها في البيت الذي تطالبها جدرانه بتسديد ما عليها من أشهر الكراء ثم قالت له:

خذ المائة بيت واسكن فيها من غير حسد، وهب لنا البيت المتبقي فقط، أو بعه لنا بثمن يشفي غليل الأمومة ويحمي ثمار الأخوة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى