الثلاثاء ١٨ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم نبيهة راشد جبارين

أغـــــــــــار عليها

أغار عليها!
أغار عليها ! لان قدسيتها نُسجت من يوم أن "عًلًّم آدم الأسماء كلّها".
أغار عليها ! من يوم أن مارسها الأنبياء مع تلاميذهم وصحابتهم.
أغار عليها ! لان الحكماء أوصوا بالطاعة والإخلاص لمن يمارسونها إلى درجة العبودية.
أغار عليها ! لان الفيلسوف العربي الإمام الغزالي أوصى بطاعة هذه الشخصية قبل طاعة الوالدين.

أغار عليها!
لأنه يوم أن كان يجلس الخليفة أو ابنه أمام معلمه بكل تواضع واحترام ، يومها غمر العرب العالم من حولهم بالعلم والثقافة والحضارة.

ولأنه يوم أن كان العربي لا يستنكف أن يتعلم من بدوي في أقصى خيمة في الصحراء، أو أن يأخذ من علم أي معلم من الأقوام الأخرى فيُخرج غير ما اخذ، يومئذِ كانت الحضارة العربية في الصدارة، وأنارت السبل الحالكة أمام العرب وأمام الآخرين.

أغار عليها!
"مكانة المعلم" في مجتمعنا العربي، حيث أصبحت تحاك النكات والنوادر حول وظيفة المعلم ومكانة المعلم!

أغار عليها !
مكانة المعلم، في هذه الأيام لأنه لم يعد احد يقوم ليوفّه التبجيلا، وهو لا يكاد أن يكون رسولا.

ضوت شمعة المعلم وهي تكاد تنطفئ، لم يعد التلميذ أو الطالب يؤمن برسالة المعلم، ولا يعير اهتماماً لمقامه. لم يعد يرى المعلم انعكاس هيبته في عيون طلابه، تناثرت أشلاء الثقة به في كل ناحية، أصبح المعلم في نظر طلابه ناقلاً أو ملقناً لمعلومات مكروهة وثقيلة لا يطيقها، وأصبح لا مكان للعلاقة الروحية بينهما، ولا مكان للعلاقات الأدبية والتربوية بينهما، لذلك كله لا مكان للمعلم في نفس طلابه.

هذه هي المعادلة الحضارية الجديدة، التي تتباهى بها أجيالنا الجديدة. حبّذا لو تعود صورة المعلم المقدسة مربياً ومعلماً، فيبث من روحه المعطاءة في نفوس طلابه، حبّذا لو تعود مكانة المعلم بأنه هو صانع العلماء والمفكرين والناجحين... فيعود له شأن بين بني جلدته كما كان ذلك يوماً ما، فكانوا علماء ومفكرين وناجحين حقاً، وكانوا سادة وقادة لكثير من المجتمعات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى