السبت ٢٢ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم حسن أحمد عمر

العجوز المسكينة

صورة باكية

هناك فى الظلام
فى حجرة صغيرة
جلست على حصيرة
عجوز ضريرة
عصاها فى يديها
من عطفها عليها
صارت كما الأسيرة
عيونها عليلة
يكاد آخر البصر
لا يعبر الحصيرة
وأمامها شالية قديمة
عليها أعواد من الحطب
والجو حر لا رطب
لا يستحق الشالية
والشعلة المتوالية
لكنها كبيرة
مسكينة ضريرة
فى حجرة صغيرة

دعوة للتفكر

يا صاحبى تفكر
فى هذه العجوز
أنظر معى تدبر
فى عشها الركيز
نداؤها طفيف
وظلها خفيف
ورغم أنها عجوز
فإنها شخص لطيف
كنسمة الخريف
إذا تحركت
قامت وأمسكت
بأختها العصاة
رحماك يا إله
فإنها بطيئة
لكنها جريئة
تفرض على الدنيا خطاها
تفرش عليها من قواها
تقول هل أنا كبيرة؟
أجل ولكنى مكيرة

فخر بالماضى

سألتها بالله يا أميرة
احك لنا أمجادك المثيرة
فأومأت وقالت فى حنكة خطيرة
من منكمو عاش الحياة مثلى؟؟
من منكمو خاض التجارب العسيرة
فأنا شربت من المر بحارأ
ومن الأسى تكرارأ
أنا التى أنجبت جيلأ بعد جيل
لا تنظروا إلىّ هكذا بسخرية
فهذه الحياة مهما زينوها فانية
فأنا وأمثالى
جذور راسيات باقية
نحن الأصول وأنتم الفروع الزاهية
لولانا ما كنتم
فإنى أمكم
هيا اشكرونى
واعرفوا لى قدرى
وأكرمونى فى نهاية عمرى
وحينذاك بعد أن تكلمت
رفعت جبينها للسماء
تنهدت
وأخرجت من قلبها ظلم السنين
ورأيت فوق وجهها طيفأ حزين

تباهى بالجمال القديم

فسالتها ماذا عن الجمال
والصبا والحب فى الهجير
قالت بصوت المستجير
أنا لى على الدنيا سطور
هناك فوق ذمة الدهور
لى فى الليالى ملحمات
وفى الأصول فلسفات
واليوم أصبحت رفاة
قد كنت سيدة البنات
جميلة متفرعة
فتّانة مترعرعة
قد كان جسمى مثل جسم أربعة
واليوم
اليوم بيتى صومعة
قد صرت مثل الضفدعة!
اين الشقاء لأصفعه
إنى ظننت بأننى
سأعيش عمرى يانعة
وتنهدت
وأخرجت من قلبها ظلم السنين
ورأيت فوق وجهها طيفأ حزين

دموع شفقة

فنهضت مشفقأ عليها
وقمت قبّلت يديها
وقلت والدمعات تغسل العيون
أنت الوفاء وأنت أمنا الحنون
أنت التى قد أغدقت عطاءها
وأشبعت أطفالها
لكنا نحن الظالمون
أهملنا فيكِ عزنا
ونسينا أنك أمّنا
فجلست فى هذا الظلام
مسجونة خلف اللثام
تتوكئين على عصاة
والله إننا جناة
وأنت أنت الطاهرة
وأنت أم عاطرة
وخرجت من مكانها
والدمع بين عيونها
وتركتها وحيدة
مسكينة شريدة
تجلس على حصيرة
فى حجرة صغيرة
كأنها تنتظر القضاء بالنهاية
لتفتح البداية
فى قصة جديدة مريرة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى