السبت ٢٢ آذار (مارس) ٢٠٠٨

مناقشة ديوان (دلع الأسامى) لوسيم سلامه

بقلم: محمد شكري جاد

الشعر معاناة، معاناة فى التعبير، والشاعر يختزن الأحــلام والــرؤى فــى رحـلـة بـحـثـه عن الأفكار، يستدعى لها الحروف حيث تغوص فى قلب المعانى وتأتى الألفاظ مكونة فى عناقها مع المعنى والفكرة آفاقـا جديـدة من الشاعـر حتى يـنـثرها على أوراقه الـبـيـضـاء قصائد مدهـشة تحمل آهات الألم ولوعة الحرمان أو هزة الطرب ونشوة الوجدان.

وشاعر الليلة هو : وسيم سلامه إبن الشاعر الكبيرالأستاذ/ عبدالغنى سلامه مـن قـرية شـبرا الـنـملة مـركـز طـنـطا محافظة الغـربـيـة، ولـكـنـه يـعـيـش بمدينة دسوق ويقيم بها.

حـاصـل عـلـى دبـلـوم المعـلـمين العام سنة 1962
ودبلوم الدراسات التكميلية سنة 1979 م.

عمل مدرسا بوزارة التربية والتعليم إلى أن أصبح بدرجة مدير عام.

فاز بالمركز الأول فى المسابقة الأدبية بالإسكندرية
عام 1982 إحـتـفـالا بـالـعـيـد الـقـومـى لـمـحافظة الإسكندرية

يكتب بالعامية وضاع أغلب ماكتب، ولما حاول أن يـلـمـلـم أشـلاء إنـتـاجه لم

يجـد إلا هذا القليل الذى نشره تحت إسم " دلع الأسامى ".

نظرة عامة على غلاف الديوان :

* الـغـلاف بـسـيـط فى تصميمه عمـيق فى مدلوله مجـمـوعـة من الخطوط المـتـعامدة تـشـبـه خطوط الـطـول والـعـرض عـلى سـطـح الـكـرة الأرضـية، أو هـى رحـبة واسعة صـنعـت الخطوط المـتعامدة عليها ما يـشـبه البلاط فكأنها طريق ممتد ويبدوإسم الديوان " دلع الأسامى " وقد وضعت نقطتان أسفل الياء الأخيرة كما يفعل أهل الخليج،ولايحمل الديوان إسما للمطبعة أو الناشر.

• بداية إسـتـوقـفـنى العـنـوان فسألت نفسى : ترى لو عكـسـنا الإسم وأصبح أسامى الدلع بدلا من دلع الأسـامى هـل يـتـغـير المعنى ؟ نعم بلا شك لأن دلع مضاف والأسـامى مـضـاف إلـيه عـلـى هـذا تـكـون الأسـامى كـلها قابلة لـلـدلع، أما أسامى الدلع فهى غـير هـذا لأن أسـامى مـضـاف والـدلع مضاف إليه فـيـكون الـمـعـنى خـاص بـالأسـامى الـتى لهـا دلــع ولـيـس كل الأسماء وبهذايكون التـوفـيق قد حالـف الشاعر فى إخـتـيــاره لـلإســـم.

الشكل والمضمون

عند معالجة أى نص أدبى ننظر إلى الشكل والمضمون

الـشــــــــكــل :

هــوالإطـار الـذى يـضـم الـتـجـارب الـشـعـريـة.

الـمـضــمــــــــون :

هـو كل ما إشـتـمـل عـلـيه العمل الأدبى من معنى أو فـكر، إنه الفكرة التى تجول فى ذهن الشاعر وتسبق الألفاظ ثم تـنـصهر فى عملية نـفـسـية فتحملها ألفاظ النص فى غلالة من الصور حسب الموضوع.

الخطوط العريضة للديوان :

ليس شعـر وسـيـم سلامه معرضا للحكمة أوالـفلسـفة ولـيـس شعر التأنق اللفظى ولـكـنـها تجارب حية عبر عـنهـا بـقـريحـة صافـية عـبر هو بنـفسه عـنـهــا

فى مقدمة الديوان :

الـحــيرة والـقـلـق وربـمـا الأســف وتـقـريـع النـفـس حين يـجـد الإنـسـان
نـفـسـه كالشـمـعة الـتى تـنـير ما حولها وهى تـذوب وتـضـمـحـل مثـل قصـيـدة
(مـدرس فى إبتدائية).

الـتطلع إلى حياة أفضل عن طريق الإنـتخابات هاجس جديد تأثر به الـشـاعر
مثل كل الناس.

الأسى أمام الحملات الغربـية المغرضة بـزعم وجود فتنة طائفية.

الألم مما يحدث بـين المـواطـن وأخـيه الغـنى والـفـقـير، القـوى والضعيف

أسماء الدلع وأثـر ذلك والشاعر أى شاعر له دوره الذى لا يـنـكره أحد ينـقد
ويحـلل ويلقى الأضواء على إيجابيات المجتمع وسلبياته.

أولا : الـــشـــــــكـل : محور الموسيقى ــ اللفـظ ــ الأسلوب

محور الـمـوسـيـقى الـشـعـريـة : الوزن ــ القافية ــ الإيقاع

الإيقاع : هو التـفـعـيلة وما فـيـهـا من أسباب وأوتاد مثل (فعولن أو مفاعيلن)

وما يحدث فــى بـنـيـتـها من تـنـويـع بالـزحاف والـعـلـل فـيـؤدى إلى كـسـر
الـرتـابة الناشـئة، ويهتم الإيقاع بحركة الأصوات الداخلية وتآلفها.

الوزن : هـو مجـمـوع الـتـفـعيلات فـى بـيـت وفـق نـظـام معـين وعـدد معـين

من التفاعيل صنـفهم الخليل إلى 15 بحر + بحر الأخفش الـمـتـــدارك)

إحـصـــــائـيـــة :

مـن واقـع إحصائـية أجريـتها على الديوان أقول إن الشـاعـر إسـتـخدم الـبحـور التالية : الهزج 23%، الـوافر 11%، الـموال 11%، المجـتث 23%، الخـبـب والمـتـقارب وبحر الـزجـل لـكـل منهم 7% مستفعلاتن 9%
ويخلو الديوان تماما من شعر العامية أو شعر الـنثر ولا غرابة فى ذلك، فقد نشأ الشاعر فى بيـت شاعر كبير كان يحارب هذه الأنماط جهارا نهارا.

القـافـيــــة :

إسـتخدم الشاعر القافية ذات الروى الواحد للقصيدة كلها.
مثال : قصـيدة دلـع الأسـامى صفحة 13، قـصـيـدة بـنـت الأصــول صـفـحة 57،قـصـيـدة الخـير جمعـنا صفحة 99، قصيدة سـيد البقول صفحة 1.7 ومن الأخيرة قوله :

يا أكل الهوانم يا ريحة العجول

يا بخت اللى غانم بحبك يا فول

نـظام المـقاطع (6 أبيات أو 7) كل مـقـطع له قافية واحـدة
مـثـــــــال :

سيدنا إدا الولد أجازه م الكتاب

وقال له روح بالعجل للحاج عب تواب

6أبيات هكذا، والمقطع التالى بقافية جديدة.

ــ نـظام المقـاطع نـفـسـه ولكن الشطر الأول فى كل المقطع بقافـية واحدة والشطر الثانى فى كل المقطع بقافية أخرى

مثال : الـلـــه يـنـــور عـلـيـكـم

ياللى عملتوا السجاير
الـخـير تمللى ف إيديكم
والـفـقـر يـملا الشكاير

ربـــاعـيـــــات :

* قافية للشطـر الأول كـله وقافـية أخرى لـلـشـطـر الثانى رباعيات

مثال : داخـــل عـلـيـنـا بـغـنـــا
وبــــــزفـــه كــــــدابــه
وبأعـلى صـوت قال لـنـا
ح أعـمــل لـكـو نـقـابـه

• قـافـية فـى كـل شـطـر مـن الـربـاعـيـة 3،2،1

والشطـر الرابع بقافية أخرىتـتـكررمع كل رباعية
فـــى شطرها الرابع

مــثــــــــــال :

تـظهر شجاعـته ف عز النوم
وتبان مياعته فى شهر الصوم
وتزيد خـيـابـتـه فى وسط القـوم
لـمـا يـشـوفـوه واقـف عـريـان
قافـيـه موحدة فى الشطر 1،4،2 أما الشطر 3
فـهــو أعرج
مـثـــال : مـحـبـــوب لـكـل النـاس
وبـيـخــتــــشـى وحــســاس
وإكـمـنـــه عـــاش بــالأدب
لـجــــــل الأدب يـتـبــــــاس
* قافيه الشطر الأول هى قافيه الشطر الثانى، كـل بـيــت على حدة كما يحدث فى الشعر المرسل
مثال : 1 ــ دا شـيــلـى لـمـدفـعى غـيـه
ونـا بـاحــرسـهـا بـعـنـيـه
2 ــ أعـيـش أتـمـنى مـن قـلـبى
يكون مكتوب على حاجبى
هـنـاك قـوافـى داخلية تحتـمها تفعـيـلـة مستفعلاتن
(تقسيمات)
مــثـــال (فى الشطر الأول فقط) :
الـنـونـو حـمـو/ بيزعل أمه/
إكمنه دايما يضرب بارود
والباشا سوسو/ عقرب يبوسو/
حاطط فى وشه أحمر خدود
مـثـــال : (فى الشطرين معا) :
الناس ساعتها/ بتسيب بيوتها/
وتجيب حاجتها/ والسوق بيكبر
يقعد ينادى/ ويقول يا هادى/
تسمع بودنك/ عشرين منادى
مـثـــال آخـر :
الخير جمعنا/ والنيل بتعنا/
كـحـــل عـيـونـنـا/ خلاها سـود
هما ونصيبهم/ عاملين حسابهم/
أحـسـن تـصـيـبهم/ عين الحسود
ومـن بـحـر (الـمـتـقـارب) :
بـيـاضـك فى قلبك/ وناسك تحبك/
وشـكـلـك ولـونـك/ يحـوز القـبول
هزمت المجاعه/ بخفه وشجاعه/
ولو غبت ساعه/ يعيشوا ف ذهول
لـــزوم مــا لا يـلـــزم :

إلـتـزام الـشـاعـر بالـروى (ل) مثلا والحرف الذى قبله (الواو) طول القصيدة وعدم استخدام (الياء) رغم أن هذا جائز.

إحـصـائـيـــة :

1 ــ حروف الهجاء التى استخدمها الشاعر قوافى :
حروف استخدمها الشاعر بكثرة : ه، ن، ر، د، ك
حروف استخدمها الشاعر بقلة : ع، ش، و، ت، ف

2 ــ توضيح : صوت ه مخرجه من الحنجرة وهو إحتكاكى مهموس
صوت ن، ر يشتركان فى صفة الجهر وقوة الوضوح السمعى وحرية مرور الهواءحالة النطـق بهـا بالإضافة إلى أن مخارجهـا مـتـقـاربة ولـذلك سـمـيـت (أصوات الزلاقة).

صـــوت د إنـفـجـــارى مـجـهــــور
كل هذه الأصوات توائم شخصية الشاعر وانفعالاته فأكثر من استخدامها.

وقد تتولد الموسيقية الداخلية من عنايةالشاعر بجرس الألفاظ وإيقاعها باستعمال ضروب البديع من جناس أو تقسيم أو طباق أو مقابلة
من صور الجناس : الحاج صابر تعبان وصابر ـــ ملجأ و ملجأ صفحة 82 .

من صور الطباق (المره، الحلوه)، (غرب، شرق)، (الخيال، الحقيقه)

الـلـفـــــــظ

الـلـفــــظ : هو الوسـيـلة لإدراك القـيم الشعورية وهو آداء الشاعر ينقل خلالها تجاربه الشعورية، والشاعر كما لاحظنا يستخدم صيغا إشتقاقية تلعب دورا فى إبراز الفكرة والعاطفة معا.. من ذلك إستخدام :

إســم الـمـفـعـول : مثال ــ كلـِّمته فى المحمول أو باين عليه مسطول

إســم الـفـــاعــل : مثال : يا بخت اللى غانم ــ حارس ــ ضارب

صـيـغ الـمـبـالغـة : خـسـيـس على وزن فعيل
عــيـــــان على وزن فعـَّال

مــصــــــادر : طـهـقــان على وزن فعلان من الثلاثى
إحـســــان على وزن إفعـال من غير الثلاثى

وإذا نظرنا إلى حسن إستخدامه للألفاظ نقرأ له :
يـا حـاج عـبــد الـنــــبى.. يـا عـايـــش الـتـقــــوه
هــايـم فـى حــب الـنــبى.. والـســـيره والـدعـــوه
ســــايــق عـلـيـك الـنـبى.. تـدعي لـى كـام دعــوه
واوعـى تـقـــول والـنـبى.. سـيـبـنى ماليـش دعوه

أنظر كيف وظـف الشاعـر : كلمة الـنـبى فـى العـروض وكـلـمـة الدعـوة فى الضرب.

وإذا نظرنا إلى كيفية إستخدام الشاعر للألفاظ نجد أنه جعلها وسائل أسلوبية تعينه فىالتعبير عن تجاربه من ذلك :

ـــ إستهلال الجمل الإسمية بلفظ التوكيد مثل (ونحن الشعب ندنيه)

وذلك تأكيدا لسعيه إلى النصر ـ من (قصيدة.. ليل القدس).
ـــ كثرة استخدامه الأفعال المضارعة :أرى ـ يعلو حقنا ـ تفرش طريقها ، حيث يختلط الفعل الحاضر بضرب من الإستمرار..

ـــ غالبا ما يقدم الجار والمجرور عن موضعه الطبيعى كما هو فى قوله : دايما فى قولك رزينه أو إن شفنا فى الكون دا غيرك .

والـشـاعـر الذى له قاموسه الخاص يـسـتـطـيـع أن يـطـوع الألـفـاظ ويجـعلها معبرة عن حقيقة نفسه.

ـــ إسـتـخـدام الكلـمـات المـوحـيـة وهى التى تـبـين مدى إسـتخدام كلمه دون غيرها، كلمة تكون أكثر دلالة وأقوى تأثيرا من غيرها.. على سبيل المثال :

قصيدة (بنت الأصول) يقول فيها :

وأم العروسه تروح للعروسه.. وعامله حسابها وابوها حسب
وشالت وحطت وبملايه غطت.. ووصلها جـوزها لحـد العـتـب

كلمة (وصَّـلها) كان يمكن للشاعر أن يقول ودعها مثلا أو صـحـبـها أو أى كلمة أخرى تفيد معنى التوديع، ولكن طبيعة الشاعر الشعرية أملت عليه كلمة (وصَّلها)

لماذا ؟ كلمة وصَّـل على وزن فعـَّل التى مصدرها (توصيل) على وزن تفعيل من فعل رباعى صحيح الآخر هو (وصـل).

جذر الكلمة مادتها الصوتية.. ومادة (وصـل) هى (و ص ل) وهى أصـوات ذات ميزة خاصة.

الصاد له صـفـيرية حادة كالسكين مسـتـعلـيـة مـفـخمة، وسميت هكذا صفيرية لأن مجرى صوت هذا الحرف يـضـيـق جدا عـند مخرجه فيحدث عـنـد الـنـطـق به صفيرا عاليا، هذه الأصوات تحاكى دلالات الصخب والأزيز والضجة خاصة إذا كان حرف الصاد مشددا.

وحرف ل جهورى يتميز بقوة الوضوح السمعى وحرية مرور الهواء حالة النطق به مما يشحن الجو بالجلبة والتنبيه أو اليقظة لأمر مهم.

واجتماع الصاد واللام بعد حـرف الـواو يوحى بالـبـدء من الإنـفـتـاح والخـفـة (الواو) إلى الإنـغـلاق الشـديـد (اللام) وبـيـنهـما حـدة (الصـاد) وصـوتـها المرتفع.

والتجربة الصوتية توضح فى هذا المجال مالا تصل إليه الكتابة، وهذه المواصفات فى (وص ل) لا توجد مجتمعة فى أى كلمة أخرى مثل (ودَّع)،

(خرَّج)... إلخ

نخلص من هذا التحليل لكلمة واحدة إلى مغزى الحكمة من قول الله تعالى :

عـلـمـه الـبـيــــان (صدق الله العظيم)

ــ والبيان غير النطق والكلام بمعنى أن :

ــ الـنـطـــــق : هـو إسـتـخـدام جهاز الـنطق العضوى فى إخراج أصوات لغوية، لهذا قد ينطق الطفل لكن نطقه ليس بيانا.
ــ الـكـــــلام : هو سرد مفردات أو جمل دلت على معنى أو لم تدل عليه.. لهذا قد يتكلم المجنون لكنه لا يقصد مدلولا محددا ولا معنى دقيق.

الأســــلـوب عند الشاعر يتميز بالأتى :

1 ــ الوضـــــوح : فلا غموض ولا إبهام بل الفكرة واضحة جدا، مـثـــــال :

جـمـيـلـك يـنــكروه أهــلك.. وروحـك فى الشـَّقـا بـتـهـلك
وتـبــنى الـمـجــد وتـعـللى.. ولا تـهـــدى عـلــى مـهـــلك
ولـيـل ونـهـار مع الواجب.. ومـش عـاجـب كـمان اهــلك
بـتـشـــكـى لـكـــل عــزالك.. وإمــتـى الـحــظ يـنــــــده لك
وحـقـــك يـتـنـصـف نـوبه.. ولـجــل الـبـخـت والـخـيـبـه

مــدرس فـــى ابـتـــدائـيـه

2 ــ الـقـــــــوة : لقد وجد الشاعر فى المقابلة الأداة الطبيعية لفائدة التجربة الشعورية.. مثال :

بنضحك ونبكى ساعة لما نحكى.. حكاية عزيزه وجوزها رجب

3 ــ الجـمــــال : الجمال صفة لازمة للأسلوب الشعرى بوجه عام.. ويعنى التصوير أو الإيجاز مثل : (تـسـقـيـه الـكـلام سـكـر ــ يدخل علـيـنـا الـفـــرج ــ يا ساقى الكل من شهدك ــ بتسقى المر ليه ليـَّا)

4 ــ الـتـلـفـت الـشـعـــورى :

وهو إنـتـقـال الـشــاعـر الـمـفــاجئ إلـى مـالـم يـكـن يـنبىء به سياق الكلام أو هو الإستطراد، أى يستطردالشاعر أحيانا ثم يقفز من فكرة إلى أخرى حتى لنقع أحيانا فى نوع من البلبلة يفقدنا وحدة القصيدة.. مثال : قصيدة (مش حب للإخوان) التى تحدث فيها الشاعر عن [ الحسد ــ الضرايب ــ الإسكان ــ مياه الشرب ــ الواسطه ــ الإهمال ــ أسعار الدواء ــ الغنى والفقير ــ الدخل ــ النصب ــ

التقوى ــ الحق والباطل ــ الأحزاب ــ الركود ــ الرشوة ــ الطفيليات ــ الوعود والأوهام ــ مشاريع الطلاب ــ ثم الخصخصة.. الخ فى 37 رباعية ]

5 ــ كــثـرة اسـتـخـدام واو الإسـتـئـناف الذى يوحى ببداية موجه شعورية قد تطول وقد تقصر دليل على العفوية.. فى قصيدة (دلع الأسامى) وهى 24 بيت إستخدم فيها واو الإستئناف فى 23 بيت مما يفيد تعدد الأحداث بلا وحدة وشد أذن المستمع إليه ليتابع ما يقوله مع ما فى هذه القصيدة من صنعة واضحة.

أيضا قصيدة (بنت الأصول) وهى 46 بيت استخدم فيها 43 واو عطف زادت من الحبكة والوحدة الموضوعية عكس القصيدة السابقة.

واستهلال كل بيت بحرف العطف (و) إنما هو إخبار عن حالة أخرى جديدة تضاف لما قبلها لأن الشاعر فى مقام تعديد لمواقف حدثت بالفعل، وهذا يقوى الترابط والتماسك لأجزاء النص الشعرى.

6 ــ الـتـكـــرار : يؤدى إلى نوع من الإيقاع الداخلى وله خاصية التلميح والإيحاء

مـثـــــال : تكرار جملة (مدرس فى ابتدائيه) بعد كل مقطع
تكرار جملة (مش حب للإخوان) بعد كل رباعية
تكرار جملة (ياللى عملتو السجاير) بعد كل مقطع
وقد يكون التكرار فى لفظة لزيادة التوكيد وتعميق المعنى عندما قال :
أمر دينك ودين أمك.. ودين خالك ودين عـمـك
بستر الشعر والجته.. لـحـــد الـتـربه ماتـلـمـك
7 ــ مـعـــالـم الـبـيـئـــة :
الشاعر ابن بيئتة وتبدو فى الديوان هذه الدلالة لقوله
(خولىفى الدوده ـــ لسانه مدره ـــ زريبه ـــ عيش مقمر ـــ برام معمر ـــ
يابا العينين يا دسوقى ـــ حولى ـــ تسرح غيطك ـــ الطبسيه)... الخ
8 ــ تأثــر الـشـاعـر بالــتراث :
فى صحفة 43 : يبقى اللى غالى رخيص، والجوده بالموجود
فى صفحة 67 : العقل فيه نونو صغيور.. والجته توزن بغل وطور
واضح تأثر الشاعر بالبيت المشهور : لا بأس بالقوم من طول ومن قصر
جسم البغال وأحلام العصافير
فى صفحة 97 : البابا قال فى الكنيسه.. الدين محبه وهدايه
فى صفحة 99 : من فين جابوكم مش كان أبوكم
عايش بمبدأ فرق تسود
9 ــ الـتـصــــــريــع :
وهو تشابه العروضة مع الضرب.
لجأ الشاعر إلى تصريع 26 قصيدة من 38 قصيدة بنسبة 7. %
ثـانـيــا الـمـضـمـــون أو الـتـجــربـة :
وهى الحـالـة الـتـى تلابـس الـشـاعـر وتوجه بـصـيرته أو ذهـنه إلى موضـوع من الموضوعات.

أفـكـــار الـشـــاعــر :

هــى أفـكــار حـيـة وتـجـارب صادقة نـشـاركه فـيـها ونـنـفـعـل مـعـه..يـتـحـدث عــن (الـلـقـيـطــان) فـنــذوب رحـمـة وحنانا.. ونتعجب معه من أصحاب الزفه الكدابه فى الإنتخابات إياها، ونرثى معه لحال خايب الأمل بين الجدعان الذى يقلد النسوان، ونفرح معه إذا فاز ناديه بالدورى والكأس ونشيد ونعتز معه ببنت الأصول التى تحافظ على بيتها... الخ
وكلها تجارب عامة تمس الشارع وحياة الناس أما عن تجاربه الذاتية فهى قليلة وقد جمعها فى (ظلال الاحب أو فى مناسبات خاصة) على استحياء.

وليس معنى هذا أن الوعى لدى الشاعر لا عمل له فى إبداعه فبعض أشعاره لا تخلو من إعمال الفكر والرؤية الذهنية المتكلفة أحيانا...

مثال على ذلك قصيدة (دلع الأسامى) فهى مجموعة لمحات فكرية مصنوعة حيث يقول فيها :

الـشـيـخ حـمـاده سـكـر زياده.. الصـبر عنده مالوش حدود
والأبله زوبه حلوه وقروبه.. دارسه وعارفه علم العروض

ومع أن النزعة الفكرية تغلب على فنية هذه القصيدة إلا أن بعض أبياتها لا تخلو من صور لها إيقاعها الخاص الذى عمقه التزام الشاعر لزوم مالا يلزم ومحافظته على الحرف السابق للروى وهو الواو وعدم استخدام الياء رغم جوازه.
ويبقى النوع الثالث من التجارب الشعرية وهى التجارب الذاتية العامة، فلقد بلغت درجة عالية من الإحكام لأنها تخبر عن حقائق نفسية كان لها صفة الشمول الإنسانى وتحدث فى كل مكان وكل زمان.

مـثــال قصـيـدة (مدرس فى إبتدائيه) يقول فيها :
تجـيـب ماما الولد يـبـكى.. تـقـابـلـه بـبـسـمـة الراضى
وتـاخـده وهـوا فى اللـفه.. تـقـول له اسـم الله وتـدادى
وتـسـقـيــه الـكلام سـكـر.. وبـعـد سـنـين يكون قاضى
بـيـحـكم بـالـلى قلـتـه له.. ويـفـضل فى الطريق ماضى
ولـه سـلـطان وله هـيـبه.. ولـجــل الـبـخــت والـخـيـبه

مــدرس فـى ابـتــدائـيــه

وأما قصائده الخمسة عن الإنتخابات فمن شعر المناسبات، ويخيل إلى أن الشاعر جعل الإنتخابات موضوعا يمارس فيه تمكنه من اللغة ويحقق تلك النبرة القوية الجهيرة المألوفة فى شعر المناسبات..

مـثـــــال : إفرح وغنى وقول.. ع الطبله والأرغول
زينة شباب البلد .. اسمه ابراهيم زغلول

وهذه التجارب على قلتها تستحق التقدير لأنه لم يبتذل فيها، وحرص على أن يـمـدها من روحـه بـخـفـة ظـل لـتـبـقى طويلا وبهذا يـثـبـت مـقـدرتـه وتـمـكنه من أدواته.

ديوان (دلع الأسامى) لشاعر يدرك بوعيه وثقافته وحسه المرهف أن الشعر إضاءة وليس ضوضاء والشاعر ــ أى شاعر ــ كائن شفاف يمكنه أن يقول مالا يقال ويأتى بالدلالات الساحرة التى تبدل وتغير وتصنع المعجزات.

أختم حديثى عن الشاعر وسيم سلامه وديوانه (دلع الأسامى) بهذه المقطوعة التى تعبر عن أزمة جيل من الشعراء وهى :

كـل يـوم باكـتـب كتـابـه.. نـصـهـا يـعـمـــل كـتـــاب
فـيها خـفه وفيها عـفــه.. مـش كلام هـجـر وعـتاب
وامــا أبـعــت للجـرايـــد.. يـبـعـتـولى ف كام جواب
 
روح وحوش الزفت عنا.. اللى مـن طـيـش الشـباب
فهـمـونى الخـيـبـه منهم .. والا مـن حـظى الـهـبـاب

وإذاكان أمير الشعراء أحمد شوقى يقول لكم : أنتم الناس أيها الشعراء، فأنا أشكركم على حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بقلم: محمد شكري جاد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى