الأربعاء ٣٠ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨

أمل جمال والعولمة الشعرية

بقلم: وجدان عبد العزيز

ممكن اعتبار المنهج هو الكيفية التي يسلكها الإنسان في بحثه عن الحقيقة في مجمل حياته، لكن ماهي الكيفية التي ممكن سلوكها للوصول الى ما بين السطور في ساحات الشعر وهو على الورق، لان الشعر سلسلة من الافتراضات، قد لا تقترب إلى نهاية منطقية إلا في المسافة الفاصلة بين اللاوعي والوعي، ولحظة خروج الشاعر من غيبوبة اللاوعي يبدأ يحاكم الأشياء من حوله بوسيلة اللغة سفينة نجاة الشاعر، وتبدأ معه التوترات والانفعالات الظاهرة تواسي انفعالات تلك اللحظة بإسقاطات التجربة والمران في التلاعب وزحزحة اللغة أشاريا حتى الوصول إلى صيرورة الحفاظ على شفافية الملاك داخل الإنسان الشاعر..

لاشك الذات لها محيطان خارجي وداخلي والشاعرة أمل جمال حاولت إمساك العصا من الوسط ووقفت بتوتر منفعل، ولان المحيط الخارجي شديد القساوة بالنسبة لأمل جمال، كان اللاوعي لها قد ادخلها في دهاليز المسار الحلوزوني بافتراض نقطة بداية ونقطة نهاية هي في حقيقة المنطق الرياضي نفسها نقطة البداية لولا ذكاء الشاعرة في التلفت يمينا ويسارا، لاغناء دورانها ببث إشارات هي عبارة عن منبهات لأصبحت الدائرة جوفاء لابسة رداء الرتابة من... والى... تقول الشاعرة:

(مرتبكة من الدنيا
مرتبكة من الحرب
ومفزوعة)

ربطت ارتباكها من الدنيا وعللته بالارتباك من الحرب.. الارتباك نقطة بداية من الذات مرت بالمحيط وازدادت انفعالا بسبب الحرب الغير شرعية في عرف الشاعرة..

هنا يمكن لنا ان نحسب حساب ذكاء الشاعرة في انفعالها من ويلات الحرب بقولها:

(أريد أن اخلع رأسي
واضعها في جيبي وأسير بلا رأس
كيلا أرى العالم)

فعملية الخلع صورة غير واقعية أي إن أمل جمال رفعت صورة الخلع من نسقها المرئي إلى نسق غير مرئي بدليل قولها:(أسير بلا رأس) ثم يكون مسار نقطة البداية مسرعا إلى نفس النقطة (كيلا أرى العالم)، ولأنها ترى ذاتها نقية مشرقة تبث المحبة للجميع، غلقت الدائرة بالرجوع إلى نفس النقطة، وان الإغلاق تم لا مرئيا أي شُبه لي أنا المتلقي أنها مغلقة، غير أنها مفتوحة في فضاء الإنسانية... بحيث تقول الشاعرة وكأنها بقولها هذا تحتضن جميع البشر بشفقة احتضان الذات..

.

(أنا مشفقة علّي وأريد إن احتضنني
وابكي على صدر نفسي
وأقول للرب بحرقة إنني لا احتمل
هذه البشاعة)

أي إن أمل جمال جعلت مقابل صورتها المرئية صورة لا مرئية، لتكون مثال للتعبير عن عاطفتها تجاه الآخرين وهم في ضنك الحياة تحيط بهم نيران الحروب والعداوات المقيتة، والشاعرة بهذا قد تكون رفعت الشعر العربي الى ذبذبات إنسانية ممكن التقاطها عبر الإشارات المرسومة على الصور الشعرية التي طرزت قصيدتها، مستدركة بقولها أنا..

(... لا أستطيع احتضان نفسي)

بسبب الواقع المر ل(أنني لا أستطيع إن أتظاهر

أو اسب الجنرالات الذين يسبهم الناس)

أي أنها عكست واقع الإنسان العربي المخنوق بانعدام الحريات، فعمدت الى رسم صورة غير واقعية انفعالا من الواقع...

(إن احشر كل الجثث في أفواههم
أضعها من أرجلها واترك رؤوسها
بين شفتيهم)

وظلت أمل جمال وسط المسافة المتوترة بين الذاتي والموضوعي وفي اعتقادي انفردت بانزياح الذاتي نفسه إلى الموضوعي وجعلت الذاتي موضوعي والموضوعي ذاتي محاولة منها إعطاء رخم للشعرية العربية الممتلأة بهذيانات المديح وإخراجها إلى فضاءات الموضوعي كأرباكات الحروب وهو عبارة عن انفعال كلتوم تجاه الإنسان..

فهل يكون الشعر العربي عولميا ضمن اتجاه الخصوصية الإنسانية عند أمل جمال أظن ذلك وعذرا لها أني لم أتناول الديوان كاملا، نه معلق أمامي على شاشة الحاسوب، تمنيت إن يكون ورقيا كي أتصوف مع كل قصائده.. وأنا اتكأ على فراشي في خلوتي الطقوسية أغازل مسافات القرب من بوح الشاعرة.

بقلم: وجدان عبد العزيز

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى