السبت ٣ أيار (مايو) ٢٠٠٨

العارجي

بقلم: علي فوزي ضيف

الفلسطيني تميم البرغوثي حين ختم قصيدته الرائعة، والمفعمة بالوجع الذي يسكنني منذ بدأت أعي ما يجول حولي، وما يحيط بي من انهزام، وقهر، وذل...

حيث يختم القصيدة ببيت شعري يختصر عمق الجرح النازف بتساؤله....

فهل ثمة جيل سيقبل أومضى
يبادلنا أعمارنا ونبادله

لم أجد إلا أن أقول له صدقت يا تميم.. لأنك أبدعت في الرفض في معايشة هذا الواقع المر الواقع علينا بثقله، وبمرارته العلقمية التي أفقدتنا متعة التذوق لهذه الحياة المميتة المنكسرة، والمنحصرة في الندم، والحصرة..؟!
وما ولد هذا الشعور السلبي مشاهدتي لمشهد راقص ليس في قنوات روتانا أوما شابهها بل في قنوات إخبارية جدية نقلت صور رقص رسمي بابتسامة عريضة..ليس للراقصة دينا أوراقصة أخرى استعراضية..بل لملك عربي مع بوش ..؟ وإن وجدت من باب الإنصاف أسباب مبررة لبوش... وذلك من حالة الانتشاء بالنصر وبسط نفوذه في كامل مرابع العالم من حقه..لكن أتساءل عن الأسباب المكنونة لرقص أحد الملوك رغم الانهزام والانبطاح، وحالة الغليان التي تشهدها المنطقة من جراء التهديدات المفترضة من كل الجهات حتى التهديد المزعوم من الفرس،والغليان الانتفاضي للمنطقة..
هذا من الأسباب التي جعلتني أقوم باستعراض للسيرة العربية المخزية عبر العصور بكل الكسور التي شهدتها الأمةالعار-بية وقد حدثت نفسي في خجل، وتردد، وهمست بصوت خافت أكاد لا أسمعه ليتني لست عربي...؟!

مهلا إخواني وأعذروني على شعوري الدخيل هذا..ولكن هناك أسباب كثيرة تجعلني أردد ليتني لست عربي...؟!

جالت بي خواطري لتمتد للعصر الجاهلي كانت تقام حروب لسنين بين العرب والعرب من أجل فرس، أوناقة ...في حين لا تهزنا أشياء عظيمة كالقدس مثلا...أوالمساس بنبينا عبر رسومات كاريكاتورية..أوما يحدث في العراق وقد كانت الصواريخ تنطلق من المناطق العار-بية لتقتل وتفتك بالأبرياء ، ونحر صدام في عيدهم الديني دون أن يحركوا أويتحركوا...توارثوا لغة الصمت وليتها كانت الدقيقة.- دقيقة الصمت-بل صمت الدهر.؟!

لن أذهب بكم بعيدا لأن شعوري المنكسر متابع لحالات الانكسار والذل الذي بات يحرجنا ،ويجرحنا في آن واحد...

وسأتابع سردي لأحداث شهد عليها من لا يكذب وهوالتاريخ..الذي لا يجامل. أسرد لكم بعضها في عجالة لأن التفاصيل لن تنتهي..ولن تتوقف على هذه الأحداث فقط..بل التاريخ غني بمثل هذه المواد المخزية، والمحبطة..

1-تقام حرب من أجل داحس والغبراء...فرسين، ولا تقام والقدس تنتهك منذ 50 سنة

2-حرب البسوس هي حرب قامت بين قبيلتي بكر وتغلب واستمرت 40 عاما من 494 إلى 534 بسبب مقتل كليب ..أترى كم نحن رحماء مع الأغراب وأشداء في ما بيننا..عكس ما يجب أن نؤمن به...

3-أشد ما واجه الرسول عليه الصلاة والسلام من الأقربون...

4-بعد وفاته تنازعوا في ما بينهم وتقاتلوا وظهرت الفتنة التي سكت عنها وأعجزت الفكر الإسلامي في دراستها..علي رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه؟؟؟؟؟ ومعركة الجمل أمنا عائشة رضي الله عنها

5-حكم الأميون بالنار والحديد وانقلاب بنوالعباس والتمرد...

6-في الرخاء الذي شهدته الأمة العربية كان البذخ والجواري،.. وأعطه وزنه ذهب..لشاعر قال شعرا متملقا..ونامت اليقظة وبدأ الانحطاط بوهب الأندلس...

7- نختم بالحكم المعاصر الذي بين الحين والحين انقلابات، وتقلبات ،وتكميم الأفواه، والتردي ،والتعدي من المحيط الى الخليج...

8-مازلنا نطلب السلام ونستشعر الضوء في الظلام..وللحديث بقية حول رحماء على الكفار أشداء في ما بيننا حيث تقوم الدنيا ولا تقعد في الهوامش... وها هي فتح وحماس وهي تؤدي تراجيديا الأخوين هابيل وقابيل..؟!

9- المصيبة الدينية في تعدد الفتاوى من أكبر الهيئات الدينية..كتحليل إرضاع الكبير،والجنس الفموي ، واجازة نصرة اليهود على الشيعة لأنهم أخطر من اليهود...حتى باتت تجارة الفتاوى على الهواء أربح تجارة و....و...الخ
....أعذروني إخواني على هذا الانفلات لأنني ما استطعت أن أوقف نفسي أمام هذا الوجع وهذا الجزع من حالة الفزع الذي يحتل أماكني وزواياي..؟هذا فيض من غيض..

في خضم هذا الضجيج لا زالت أفكاري المجنونة تحاصرني، وليس من حقي أن أكتمها أوأكبتها..كما ليس من حقي فرض قراءتها..لأنني أعي تماما ما تعنيه مواجهة المرء لأخطائه ولماضيه ليتسنى له رسم مستقبل أفضل والتفاتي خلسة للماضي تجعلني أصطدم بصورة مستقبلية بائسة للشعوب العربية..فلقد سردت في عجالة في مقالي الأول العار-بي بعض المقتطفات من الانكسارات التي لم نوليها جانبا من الأهمية وركزنا على انتصارات لم تدم لأننا لم نحسن الحفاظ عليها كما ينبغي.. فنحن ندعي العلم ونحن في مستنقع الجهل نرتع، وندعي الرحمة ولها نقطع، وندعي الإيمان ولغير الله نخشع...هذه المتناقضات التي تعيش فينا وأصبحت جزء من شخصيتنا تطبع بها وتميزنا عن غيرنا..والضربات المتتالية لم تستطع أن تجعل منا أكثر حزما في حين أن الكثير من الدول نرى تطورها نتيجة صدمات قوية...فالثورة الفرنسية نتيجتها فرنسا الحالية، وهيروشيما وناكازاكي نتيجتها اليابان والأمثلة كثيرة...ونحن هل نعد الصدمات..فلوقسناها بمقياس ريختر لكانت تعادل هزات العالم ونكباته..

فهذه الأمة المترامية الأطراف والجاثمة على مساحات كبيرة من الأراضي الخضراء والصفراء والحمراء والتي تقتات من بقايا جثث الديناصورات..وتستورد الحليب والسكر والقمح لتنتج القمع..؟؟

..ماذا كان مصيرنا لوكانت جغرافيتنا كجغرافية اليابان..؟؟ لكانت الكارثة..ويحظرني قول لمفكر جزائري يعتبر فلتة طبيعية وهومالك بن نبي الذي يعرفه الغرب جيدا وتدرس أفكاره في جامعاتهم ومعاهدهم، والذي يقدرونه الماليزيون ..في حين نجهل عنه الكثير نحن العرب..المهم ..قال لقد تعامل اليابان مع الحضارة الغربية كتلميذ في حين نحن تعاملنا كزبون ..والفرق هنا أن التلميذ قد يكون أستاذا بينما الزبون سيبقى زبون ومستهلك...؟؟

من ناحية أخرى حلم الوحدة العربية ضرب من الخيال وخرافة لا أؤمن بها البتة..لا الوحدة المغاربية ولا الوحدة المشرقية فما بالك بالوحدة العربية المعروفة بأنظمتها المتنوعة والفسيفسائية..السلطنة والإمارة والمملكة والجماهيرية والجمهورية. ومشروع الإقليم .لم يثبت أي نظام حكم نجاحه إضافة الى المشاكل العالقة بين الدول العربية..، والأهم أننا لسنا في مستوى فكر راق يستطيع أن يرقى بنا الى بناء بنية ذاتية للمصالحة مع الذات لبناء ذات جماعية عربية..لأننا نفتقر الى أساليب النقاش والحوار وهذا ما تعكسه بعض غرف الدردشة شئ فضيع...نسب بعضتا البعض والمشاكل السياسية تنعكس على الشعوب ورومات خاصة السعوديون كذا، والمصريون كذا ووو...أتعفف هنا بكذا..وغياب الطبقة المثقفة لحظورها في ولائم التشريفات وعدم الخوض في لب المشاكل كونها من الطابوهات وكأننا نخوض في الذات الإلهية..لهم جانب كبير من النتائج التي نقف عليها الآن وحتى الرؤساء والملوك أصبح ذكرهم يعد كفرا وزندقة وإرتداد في حين أكبر المؤسسات الدينية كل مرة يخرجوا لنا فتاوي نجسة ولا داعي لسرد وإعادة ذكرها...
ولماذا نقتتل في بعضنا البعض..حتى أن الإسلاميين يصطدمون ببعض التيارات الإسلامية والكل يرفض الآخر وكلاهما يقول الله أكبر..في حين أن اليهود الذين كثيرا ما ننعلهم عبر التاريخ لم يقتتلوا في بعضم البعض...حسب علمي وان وجد في التاريخ حالة إشتباك يهودي يهودي لم يكن في مستوى العربي العربي

الأمر ليس سهل ووجب التفكير على مهل ...ما يمكن أن يقدمه المثقفون النخبة المتطلعة لسيرورة المجتمعات لترقى بمجتمعاتها..؟؟؟

بقلم: علي فوزي ضيف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى