الاثنين ٣٠ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم نوري الوائلي

الحسناء

يا حاملَ الحُسْنين كيف بحالي
أمسيتُ أزرعُ في الفلا آمالي
 
يا سائلي قلبي يصيحُ توجعا ً
ويهيمُ شوقا في الربى وتلال
 
حالي كمن للموت كان مُقيّدا ً
الحبل طودٌ والردى أقبالي
 
للعنكبوت غدوتُ طُعم سمومها
وشباكها كفنٌ الى أوصالي
 
شوقي لمن دخلت فؤاديَ غفلة
فأذاقني عجبا ً من الأهوال
 
حَسَنُ الملامح والمعاني حلوةٌ
والخد يرقصُ زاهيا ً كهلال
 
وعيونها الخُضر الحِسانُ كأنما
فيها الجمالُ متوّجا ً بجمال
 
يامُقنعَ العين التي لم تقتنعْ
يوما ً بألوان ٍ وحسْنَ نوال
 
ورأيتها الشمسَ التي من طيفها
ما عاد ليلي مُظلما ً بضلال
 
تمشينَ فخرا ً بالحجاب ِ تناغمي
سحرَ الحياة وقد زهى بخمال
 
حُسْنُ القوام مع الحجاب تلاءما
بدر ونجم قد علا بليال
 
يا كوكبَ الأسحار دامَ بنوره
فعلا شموسَ الظهْر دونَ زوال
 
وصفا بلا غزلٍ أداعبُ من لها
قلبي يدقُ كهارب ٍ برمال
 
ولمحتُ وهجَ ضيائهِا في مَشرق ٍ
فكأنّها فجرٌ من الأطلال
 
ورأيتها بدراً برفقة ِ أنجم
في ليلة ٍ فيها الدجى كجبال
 
تبدين للدنيا كأنك زهرةٌ
حوراءُ روح ما لها بمثال
 
من خلقها قد خرَّ قلبيَ ساجداً
لله من عجبي ومن إقبال
 
ما عادَ ينفعُ لهفتي صبرٌ ولا
روحي تجامل كبوة لوصال
 
الليلُ أمسى كالعصور لطوله
والحزن ُ فيه قد نمى بهزالي
 
فحَسَبتُ من سهري نجوما ً مالها
حدٌّ فصارَ العدُّ كالأرتال
 
لم يحلُ في قلبي أُناث غيرُها
فخيالها شغف الى أوصالي
 
وركظتُ أدفعُ ما كسبت بعالمي
لزواجها في بهجة وحلال
 
من نظرة ٍ دخلت حياتي والهوى
فغدوتُ مسجونا ً مع الأغلال
 
قد زادَ في حُسن المعاني خُلقُها
فالخلقُ إحسانٌ وحُسْنُ جدال
 
لا خيرَ في حُسن ٍ لأهل ظلالةٍ
فالحسنُ أخلاقٌ مع الأشكال
 
كثرُ الكلام بلا معان ضائع
لا خيرَ في قول ٍ بلا أفعال
 
لم تدخلَ القلبَ المحُاط بأسهم ٍ
إلأ سهامَ الغدر من أنذال
 
لكنّ قلبي قد تشبّعَ أسهما ً
مِنْ عين مَنْ خُلقتْ بلا أمثال
 
الله صوّرَ من جمال ٍ حُسنها
فإذا به قد فاقَ كلّ خيال
 
فيها الحياء مع التعفف آية
متوهّج من لونها بجلال
 
سُميّتُ بالصيّاد ِحين قربتها
فكأنّها في مقبضي كغزال
 
شربتْ من النهرين بنت بلادنا
فلذا تورّد َ خدّها بزلال
 
حول الضفاف قد زهت بحجابها
من صغرها وترعرعت بدلال
 
من عطرها فاح النسيم عذوبة
وانساب زهوا كالهوى بشمالي
 
وتُداعبُ الأحساسَ عند حديثها
وتُجدّدُ اللآمال كالأمصال
 
كالأمّ تحنو للصغير بقلبها
وتفيضُ في ودّ بلا إثقال
 
كالبدر عُمرا ً حين لحت خيالها
فتوسّدت روحي على زلزال
 
الطير في البستان صاغ نشيده
نغما يعانق صوتها بموال
 
إن الشبابَ الى الحياة تألـّق
وربيع عمر سائر بعجال
 
لكن عُمرُك كان جذو صبابة
مهما مضى لا زلت كالأطفال
 
ودعوت ربّي إن يمدّ بعمرها
ففراقها موتٌ بغير مطال
 
الله قد وضعَ المحاسنَ واهبا ً
في كلّ موجودِ مع الأفضال
 
يا طين منك فأُخرجت ما لا ترى
عينٌ من التكوين والأشكال
 
فالطينُ يحوي في منابع ِ ذاته
وهجَ الجمال ومنتهى الآجال
 
والله ما كان الكلامُ تغزّلاً
أو كان للأنثى مديحَ مُغالي
 
بل إنّه ذكر ٌ لقُدرة خالق ٍ
قد زيّنَ الأنثى بخير خصال
 
لا خير في دنيا وإن طالت بنا
إن لم تكن أملا لكسب منال
 
أما الشباب فليس عمرا ينقضي
بل إنه عزم مع الأقوال
 
من جاوز التسعين قد يحيا كمن
يحيا الشبابَ ببهجة ونزال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى