السبت ٢٨ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم عبد الهادي شلا

نــار الجســـد

جميع طقوس يومه منذ عرف الكمبيوتر ودخل إلى عالم الأنترنت.. تغيرت،ما عاد يشرب قهوته الصباحية قبل أن يفتح جهاز الكمبيوتر لمتابعة ما يدور في العالم من أهم الأحداث بكل صورها..

عيناه بالقراءة تابعت الفأرة وهي تبحث عن عنوان مثير ليقرأه، بينما يده الأخرى فنجان القهوة إلى شفتيه..حملت.

ذات مرة، بينما يبحث في "غوغول" دخل إلى موقع أدبي متخصص ينشر القصص والأشعار والثقافة..
تجول فيه..استوقفه عنوان مثير لقصة قصيرة (من يطفئ نار الجسد؟)، وتحته إسم أنثوي..الفضول أخذه ليقرأ القصة..لابد أن وراء العنوان قصة مثيرة :

(((ما كنت أتصور يوما أن تنهتي حياتي معه بهذه السرعة، ما مر على زواجنا سوى ثلاثة أشهر وها نحن مطلقان..لقد عشنا فترة خطوبة رائعة، وتعرفنا بما سمح به الوقت كل على الآخر.

بعد الزواج الأمر كليا اختلف... مارس سطوته الذكورية بسبب أو بغير سبب،فما ترك صغيرة ولا كبيرة إلا تدخل فيها رافضا رأيي ووجهة نظري..ومشاركتي!!...قال لي: أنا الرجل وأنت عليك السمع والطاعة.

قلت:لي حقوق أيضا عليك السمع فيها والطاعة.

سلوكه أصبح أكثر شراسة وتيقنت أنه لن يكون رجلا لبيت فيه إمرأة تقاسمه حلو الحياة ومرها..

تحدثت إليه بلطف...ووضحت له أننا في بداية حياتنا وعلى كل منا أن يقترب بنفس المسافة من الآخر إلى أن تستقر بنا الحياة ونسير معا الدرب الذي سلكه كل الأزواج وتلتقي عندها طبائعنا.

شيطان رجولته مثل " السوسة " في عقله.. نخر، صَمَّ أذنيه لكل نصيحة أو اعتبار لوجودي بجانبه أحمل معه نفس المسئولية...ما قويت على تحمل العيش معه أكثر من ثلاثة شهور...وكان الطلاق!!

وحيدة..بقيت في بيتي، إلى عملي أذهب في الصباح، وأمقت الوقت الذي يمضي بسرعة لأنني سأعود إلى البيت الذي استوطنه البرد والجفاف، بينما زميلاتي في العمل ينظرن إلى الساعة عشر مرات في الساعة، يردن للوقت أن يمضي حتى يعدن إلى بيوتهن وأطفالهن..

كم هو بارد هذا السرير الذي يحتويني، وهذه الوسادة الخالية، تكاد برودتها تفصل عظامي.. أبدل مكانها وأعصرها فتقطر منها بقايا دموعي التي انسابت حزنا على شبابي الذي يمضي.

انتفضت ضلوعي، ولعنت اليوم الذي تزوجته،فلا شك أن الكثير من الرجال هم على شاكلته، وأقسم أنني لن أتزوج مرة أخرى.

ضَمَمتُ جسدي بين ذراعي،وضَغَطتُ عليه حتى كدت أتفتت، وأغمضت عيناي على رَجُلٍ صنعته في خيالي وبالمواصفات التي أريد..شكلته على الهيئة التي أتمنى.. ضممته إلى صدري، ورشفت من عصارته ورحيقه لأصنع عسلي المصفى وأشربه حتى الثمالة.
كم هي قاسية الحياة بلا رجل يعصرني، ويعيد تكوني من طينة مختلفة، وشعور مختلف.. ويقراني حرفا حرفا ويشكلني كلمات عذبة ليصنع مني نبيذه المعتق..

كاذبة أنا حين قلت أن كل الرجال،أو أكثرهم.. كطليقي..!!!))).

مازال " حمدان " يلهث وراء كلمات النص الذي استدرجه ليرسم بخياله صورة صاحبة النص ويستشعر آلام وحدتها، وينتصر لها بأول تعليق بجانب القصة.

احتفظ " حمدان " بإسمها وأخذ يتابع كل ما تنشره ويقرأه بنهم.. وما كان أحدا يعلق على ما تنشره سواه !!

مَنَّى نفسه أن يتعرف على شخصيتها من خلال ما تكتبه، وتمنى أن يرى صورتها منشورة ليقرأ في ملامحها تفاصيل أخرى ما استطاع التعرف عليها من بين سطور نصوصها الكثيرة.

متلهفا بقي على أمل أن يرى لها صورة،أو يقرأ تعليقا لقارئ غيره، حتى كان ذاك اليوم الذي نقر فيه بالفأرة على قصتها الأخيرة ليجد بجانبها صورة لشابة لايزيد عمرها عن الثلاثين عاما، باهر جمالها، فسرت في جسده رعشة وفرح ارتسم على محياه..تفحص الصورة تحت العدسة المكبرة.. وضعها.

نسى قراءة النص، تأملها..تسللت إلى فؤاده.. عن بُعدٍ.. أحبها " حمدان "...ولكن خمسة عشر سكينا بضربة واحدة في خانة التعليقات على النص الذي ما قرأه.. طعنته !!!؟؟؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى