الاثنين ٣٠ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم ميلود بنباقي

وجــــــوه

وقف أمام المرآة الكبيرة يتأمل وجهه كأنما يراه أول مرة... بدا وسيما قبل أن تغيب ملامحه ويبدل الوجه سحنته ومعالمه على حين غرة، ودون سبب ظاهر. رأى نعومة مفاجئة تغزوه، رقة تغطي عناوينه الرجولية وتمحو هويته... في لحظات قصيرة اختفى وجهه تماما واحتل وجه زوجته كامل المرآة.

راح الوجه، وجه زوجته، يتضاءل، يصغر ويرق. في ثوان قليلة، ظهر وجه أصغر أبنائه... أصدر ضحكة ساخرة نزقة واختفى بدوره.

صعدت تجاعيد غائرة وندوب قديمة وأخاديد رسمها تقدم العمر وتدفق الزمن الغدار... صار له وجه المرحومة والدته.

قدحت عيناه بالخبث والشر. تمطط شاربه كنبتة شوك طائشة. تحرك لسانه داخل فمه الممهور بدخان السجائر وصدى الشتائم البذيئة.. صار له وجه ضابط بوليس.

تناوبت وجوه ووجوه على المرآة الكبيرة... ظل واقفا في موضعه ينتظر عودة وجهه إليه... لكنه لم يعد.

تفل على المرآة ،حطمها وخرج...

لم يدر أي الأشخاص هو.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى