الاثنين ٢١ تموز (يوليو) ٢٠٠٨

ساحة الأمل

بقلم: حمزة البوزيدي

واصل رشيد تسكعه بطرقات المدينة،هو الآن يوجه ذاته تجاه الشاطئ حيث اليوم هو أول أيام مهرجان تيمتار كما يسمونه، التوبيسات تمر من أمامه مليئة حد التخمة، الآلاف من الكائنات البشرية تسير بجانبه، أحس بذاته كومة ضائعة وسط مجتمع آخر غير الذي يعيش فيه،غريبا لم يهتدي بعد إلى وطنه وأعمى يسير دون عكاز.

ساحة الأمل مليئة وغاصة، من مختلف الأعمار توافد الناس إلى هناك، ناداه أحد أصدقائه من بعيد، شعر بالسعادة شيئا ما، فقد جاء من يؤنسه...

 حبيب،مرحبا كيف الحال؟
 بخير كما العادة؟
 تيميتار إذن؟
 كما الكل؟

بعد قليل التحق صديق أخر، خبره رشيد عبر سنتين، والتمس فيه ما لم يلتمسه في غيره من خصال زادته قربا إليه....
غاص الثلاثة وسط الجمع...،أصر حبيب على الدخول للساحة حيث اجتمع "المغاربة " ينتظرون ظهور الشاب خالد، وكأنه بطل مغوار أو سياسي ماكر، بينما الآخران يريدان التوجه تلقاء البحر،بعد أخذ ورد اختاروا إحدى الزوايا ولزموها يتناقشون رغم أن صوت المكبرات غط على جميع الأصوات وجعلها نشازا،فهي تقع تحت منطقة نفوذه التي لا يحق لك فيها سوى أن ترقص كما يفعل الجميع.

 محال أن يجتمع الناس هكذا لو كان الضيف رجل سياسة أو دين...
 ما يفعلون برجال السياسة،قد نفض الكل يديه منها بعد مهزلة التاسع من شتنبر...
 رجال الدين أيضا لن يعدو أن يكونوا كركوزة أخرى،أما المعارضة الحقة فلا تزال هناك بالسجون كما يعرف الكل.
 أنا برئ منكما، أرقصا أو اصمتا...
 ههه، صدق من قال إن المغاربة نصفهم "حناش"

لم يطل الوقت كثيرا حتى ظهر على المنصة، تطلع الكل إليه: هل هو فعلا من يتحدثون عنه،البعض أصابته الهيستريا ولم يدري أيقفز على رجليه أم على يديه،ولم يلبث أن بدأ الغناء،فابتدأ بأغنية " لله يا جزائر يا وردة الروح".. ليلهب الكل معه...

 أحييه والله إنه وطني بمعنى الكلمة
 إوا، هو وطني والزفت لي جالس يستمع له خونة، لو كان البعض رجالا لطردوه منذ أن حمل راية البوليساريو في إحدى سهراته...
 صه أنصت وارقص وانس الدنيا

تطلع إلى الخارج فإذا الجموع من الناس تهرول إلى الساحة بشكل أقرب إلى العدو، البعض أحضر زوجته والأبناء، أما الأغلبية فكانوا عشاقا أتوا هنا علهم يجدوا عند الشاب خالد ما لم يجدوه في مكان أخر من هذا المجتمع..

من حول رشيد اصطف أصحاب " الشعور " كما يصفهم، ليس من الشعور وإنما من شعرهم الذي تطاول وأصبح أقرب إلى قنب هندي منه إلى شعكوك إنسان، أغلبهم فتيان ولكن لم يخل مجمعهم من فتيات،كانوا يدخنون تبغا مخلوطا بالحشيشة والمخدرات، وكان رشيد وصحبه يتنسمون منه رغما عنهم أو بتلذذ، المهم أنهم عرفوا طعمه...

 ألا تلاحظ شيئا على الشاب خالد
 مابه
 أظنه سكران أو "مبوق"
 ههههههه، ألا تعرف تلك عادته، يستحيل أن يصعد المنصة وهو في كامل وعيه
 اللهم إن هذا منكر
 المنكر هو أنت، لم أنت هنا إذن.
 أتيت فقط لأرى ما يجري هنا.
 الكل أتى ليرى ما يجري هنا.
 إذن سأغادر قالها رشيد وقد احمر وجهه وبدا له أن صاحبه وضع الاصبع على موطن ضعفه

بعد أخذ ورد توجهوا نحو الخلف ليغادروا، غير أنهم اصطدموا بأصدقاء أخرين:

 كيف الحال
 الحمد لله
 هيا النشاط
 نعم، لا شيء أخر
 المواصلات في حالة سيئة
 نعم لقد جاء الكثير مشيا،رغم أنهم يسكنون بعيدا
 نعم وما يفعلون
 لا شيء في الحقيقة لديهم يلهيهم، ولا تنسى أن البعض هنا جاء لعمله
 اه، النشالون، نعم سينتعشون، لابد ان نشالو المغرب اجتمعوا هنا،لو سموه المهرجان السنوي لانعاش الشغل لكان أحسن.
 لم لا فالمهرجان حج اليه 80 ألف في احدى الاحصائيات

انهوا الحوار بسرعة وانسلوا خارجين من الساحة، كانت هناك ثلاث بؤر، كل واحدة بنجم، والكل يتنافس ليكسب أكبر جمهور...

تمعن رشيد كثيرا في الرائحين والغادين، كيف يمكن ان تغير هذا الشعب إن كان من الحاضرين من لا يملك ثمن عشائه وحج هنا ليسكر ويعاكس الصبايا وحتى المتزوجات فالامر أصبح سيان، كيف يمكنك ّأن تغير أناسا بهذا الشكل، لا شك أن القائمون على المهرجانات يدرون ما يفعلون حقا وناجحون في تخطيطهم لأبعد حدود، لا شك في ذلك..

بقلم: حمزة البوزيدي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى