الخميس ٣١ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم أحمد مظهر سعدو

آه يا بطل

عندما كتب الروائي السوري حنا مينة روايته المشهورة – آه يابحر- قيل أن عنوانه للرواية قد لايكون معبراً عن مكنونات الغاية الأساسية من الرواية.. بل لعل - الآه – هذه لاتكون بالقوة التي تطال المعنى والمضمون.. لكنه – وعلى مايبدو – فإن -آه يابحر - كانت أبلغ تعبيراً عن أي لفظة أخرى كان من الممكن أن تحل محل الآه تلك.. من هنا فإن – آه يا بطل – التي أختارها اليوم للتعبير عن الذي أريد قوله بحق ذاك البطل التاريخي الصاعد أبداً نحو السؤدد والشموخ.. قد تكون في صلب وجوانية المعطى الوجداني الذي أشعر به وأنا أتحدث عن بطل عربي عروبي دخل السجن الصهيوني وهو لم يبلغ من العمر سبعة عشر عاما إلا قليل، في عمر الفتوة والانطلاق نحو الشباب. عندما نفذ عملية بطولية هو ورفاقه ضد المحتل الصهيوني تحت اسم وراية جمال عبد الناصر.. فقد ودع أمه ليومين اثنين ليغيب عنها ثلاثين عاماً في سجون الاحتلال الصهيوني اليهودي الغاصب.. في العنفوان الوجداني لمرحلة المراهقة ومابعد المراهقة، الفكرية منها وكذلك العاطفية والفيزيولوجية، فإن أحلام الشباب تتبدى أمام المخيال المعاش للمرء، وانبثاقات صباحات قادمة تحوم حول المدى التصوري للفرد، ماراً بالعديد من مفاصل الحياة السيكوسوماتية، التي مابرحت تتغلغل في متاهات النسق المجتمعي،و السياسي منه على وجه الخصوص.. أن يخرج الإنسان بعد عذابات وعذابات، وسجن طاول فترة سجن ( مانديلا) ليكون صاحب تصميم وعزيمة تهزم الجبال، وأن يقف شامخاً كالطود، لا تنال منه السنين، ولا تهز من عزيمته ظلامات السجون، ولا تثنيه عم متابعة المقاومة كل أحقاد الصهاينة، وسوادات نظم الأمة، وإهمال القريب والبعيد، وأن يقف البطل سمير قنطار ليكون أكبر من كل الطوائف وكل الأحزاب، أكبر من كل الإيديولوجيات والدكاكين الحزبية، ليعلن أن ظلام السجون لم ينل منه، بل زاده عزيمة وعزة وفخاراً وإصراراً على المضي قدماً في طريق تحرير فلسطين..

فهذا مالا يملك أمامه أي امرئ إلا الوقوف إجلالاً واحتراماً لهذا الشموخ الذي علم الأجيال وسيعلم أجيالاً أخرى أن إنساناً مؤمناً بأمته، ومعتصماً بحبل الله وإرادة شعبه وقوة عزيمة مقاومته لن ينال منه بعد ذلك أي شيء.. ولسوف يدرس التاريخ لأجيال قادمة كيف تكون العزيمة وكيف يكون الإيمان، وكيف نكون نحن العرب، وعندما نؤمن بقضايانا حيث نصنع المستحيل ومابعد المستحيل.. فنحن كما قال أبي فراس الحمداني لسجانه الرومي:

أتزعم يا ضخم اللغاديد أننا ونحن أسود الحرب لا نعرف الحرب
فويحك من للحرب إن لمن نكن لها... إلخ

وهذا ما تسطره على أرض الواقع المقاومة العظيمة في العراق العظيم، وهو نفسه الذي تفعله المقاومة في فلسطين منذ زمن بعيد، وهو مافعلته وتفعله مقاومة الجنوب اللبناني التي أرغمت العدو الصهيوني على التوقيع مرغمة على الإفراج عن سمير قنطار ورفاقه.. ورفات الشهداء الخالدون وعلى رأسهم دلال المغربي.

في معصميك ياقنطار طهر ونقاء، وفي رسم الجنزير في يديك علو وصعود، وفي صلابتك يا سمير درس لنا ولأجيال بعدنا، وفي صمودك الثلاثيني فخر للأمة فيك وبك.. وفي عناوين عمليتك البطولية معنى وعمق، وفي انتمائك لمنظمة نضالية فلسطينية – وأنت اللبناني – تأكيد أكيد على قومية المعركة التي تعلمناها على يد قادة عظام دخلوا التاريخ.. كما دخلت.. وسمو علواً كما سموت.. فأنت أنت ياسمير وليس سواك من سيبقى مناراً لا يطاله ظلام، وعنواناً لايضيع أحد في الطريق إليه، وقاعدة للإرتكاز لا مناص من الإرتكاز عليها.. ونحن مقبلون على حرب عولمية صهيونية أمريكية لابد آتية بنصر من الله قريب.. إذا ماخترنا طريق العزة والكرامة التي سلكت، وسلك سواك من قادة الأمة العظام رفعة لأمة عربية سيكون لها مستقبلاتها المجيدات كما كان لها ماضيها التليد والمجيد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى