الجمعة ٨ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم وليد رباح

أحمق أنت يا فتى

وإلا لما خرجت من رحم أمك؟

تخيل يا من تقرأ.. انك تشبثت بحواف الرحم الذي انجبك ورفضت الخروج بحجة العقلانية.. وانك مقدم على خوض غمار حرب تقتل فيها من تشاء وتعفو عمن تشاء.. تجري خلف الرغيف وهو يسرع الخطى امامك.. تتسربل بالعتمة لكي تسرق ما يقيم اودك.. أو جلادا تهرع للسيف والنطع عندما يأمرك الحاكم بقطع الرؤوس.. أو تطلق النار على طفل صغير في مخيم ( للعصاة).. تنابذ ارهابا وتلاحق امرأة وتغزو لمنفعة الاخرين.. تقف على اصابع قدميك لترقص الباليه.. تبيع الوهم للحمقى والمغفلين للحصول على المال.. تحب امرأة ثم ترفسك برجلها اليمنى أو اليسرى لا فرق.. تنجب اطفالا يعقونك.. أو ممثلا تقف على خشبة المسرح لكي تصرخ باعلى صوتك والجمهور يصفق لك بحجة انك ممثل بارع.. رئيسا للوزراء تحكم بلدا تسرقه.. أو حاكما يغرز رمحه في صدور الاخرين لكي ينتفع من دمهم.. دراكولا أو رامبو أو تشبه عباس بن فرناس.. حاقدا تحمل البسمة على وجهك ثم تستل سكينا تخبؤه خلف ظهرك وتكمن في الطرقات وعلى النواصي لكي تقتل.. تخيل كل ذلك.. فما الذي يحدث؟

قد تصرخ امرأة حضرت ولادتك كي تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتتلو آيات من القرآن أو الانجيل أو التوراة ثم تقسم انك شيطان رجيم وربما كنت عفريتا.. لا تنفعها التلاوة وانت مصر على الالتصاق فتستجير بكتاب بوذا.. أو زرادشت أو حكمة الساسة..

يأتيك أحدهم ثم يتلو عليك بعضا من آياته الشيطانية.. ثم من فيعفر وجهك بالماء بحجة انه ماء مقدس كي ييسر خروجك بنعومه.. وربما جاءك آخر لكي يعلمك كيف تهبط من عليائك لكي ترى هذا العالم الرحب الذي يستقبلك بابتسامة ثم من بعد عمر طويل يودعك بالبكاء.. كل ذلك يجري وجنابك لا تريد الخروج ثم تتحدث..

بطن امي دافىء ودنياكم بروده.. أحصل على رزقي في جوفها فلا يطالني السغب.. كيف انزلق من مكمني وجسدي داعر قد خرج من مجرى البول مرتين..مرة من ابي واخرى من امي.. ما الذي يزعجكم من بقائي في ذلك المكمن المريح.. دعوني وشأني !!

امك يا صاحبي تصرخ الما فتشفق عليها.. أبوك ينتظر في الخارج قلقا على مصيركما ويتلو كتابه.. أطباء فقدوا ذاكرتهم وعلومهم يحاولون ايجاد سر الظاهرة.. ثم يصرخ احدهم : أقسم انني رأيته.. بهي الطلعة واسع العينين جميل الصورة.. لكن آخر يصرخ مستغيثا..اعوذ بالله.. وجهه مثل عفريت تلفع بالعتمه.. له قرون كقرون الشيطان وسحنة تقطع الخميرة من البيت.. استعينوا بالعملية القيصرية وليخرج بالقوة..

تخاف ان يطال المشرط بطنك أو وجهك أو بعضا من بهائك.. فتخرج منزلقا مثل سلحفاء في مياه مالحة.. تبكي فيلقمونك ثدي امك الذي لا يحوى قطرة من اكسير الحياه.. لكنك تمتصه بشغف ثم تلفظه قائلا : هذه هي النهاية وليست البداية ايتها الرؤوم.. لم لم تتركيني انعم بالخير في مغارة وجدت فيها راحتي.. انت مشتركة بالمؤامرة.. وهكذا كما قيل اكتشفت (نظرية المؤامرة ). بعد برهة مرت كالسحاب..

ها أنا اقف على مشنقة جميلة المنظر غرفتها مدهونه بالزبده.. حبل غليظ يلتف حول رقبتي بانتظار ان يقصمها.. انظر إلى الحبل المجدول بعناية فاسترجع ذكرى حياتي وما مر بي من سغب ونصب وسهر وتعب ووصب ومعاناة.. اتذكر انني كنت كاتبا بارعا.. وقلمي لا يجارى.. تهم كثيرة وجهت لي اثناء حياتي لكنها لم تصل إلى درجة قصم رقبتي..رجل شرطة يتلو علي تهمتي : ولما كان المتهم الذي ثبتت عليه التهمة قد عصى منذ البداية في بطن امه فقد توقع العلماء ان يصبح مجرما..ارهابيا.. قاتلا.. كاتبا محرضا ولئيما.. فان تركناه دون عقوبة سيصبح عقبة كأداء في نظر الحكومه.. وقد ينقلب على حاكمنا (رعاه الله).. انه يطالب بحقه في أن يموت كمايشاء.. لكن الموت يا سادتي يأتي بامر الحاكم.. وليس كما يشتهي الناس..

يكمل الشرطي : ولما كان هذا العاق يحمل افكارا شيطانية.. مخالفة لرِأي ( الاكثرية) وخشية من ان يصيب الناس بالعدوى فقد حكم عليه القاضي بالاعدام..

وقبل ان يتهاوى جسمه مطوحا بالهواء.. سئل عن مطلبه فقال اريد رؤية امي. وعندما حضرت عضها من اذنها ثم قضم قطعة منها وقال : لم لم تتركيني في ذلك الرحم الهادىء.. قال احدهم : أحمق انت يا فتى والا لما خرجت من رحم امك.. خفت من المشرط فجبنت.. لم لم تدافع عن وجودك في ذلك العش الجميل.. لا تقل انك لم تكن تمتلك القوة.. مجرد رفضك يعني انك قوي.. اما عندما جبنت.. فقد تكالبت عليك مشارط الجراحين فغدوت حملا..

يا من تقرأ.. أأنت حمل صغير ام خاروف كبير في هذا العالم ( المتمدن ) ان كنت احدهما فانتظر مصيرك مثلما كان مصير من كتب في آخر مذكراته..

اعرف انني ساقضي حزنا والما.. ولو كان لي الخيار لماغادرت موطني في بطنها.. فمن ترك داره.. قل مقداره.. اليس كذلك.؟

وإلا لما خرجت من رحم أمك؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى