الأحد ١٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم باسل محمد البزراوي

إلام الرحيل؟؟؟....

إلى محمود درويش
درويشُ أبكيك أم يأبى بيَ الخجلُ
وهل ترجَّلتَ، أم ضاقت بكَ السبلُ؟
ضاقت بكَ النفسُ ممّا حلَّّ من ألمٍ
وقد طوانا الردى واحتارت المُثلُ
أبكيكَ أبكيك أم أبكي على وطنٍ
يحلُّهُ البغيُ مصطافاً، وترتحلُ
مَن للقوافي إذا بانت يهدهدها
على جراح الثرى والأرض مبتهلُ
فقد بكتك بدمعٍ من دمٍ ولِهٍ
وقد تناهى إلى أسماعِها الثكلُ
تبكيك حمرُ القوافي في مآتمِها
وقد تلاشى على ألحانها الأملُ
ولتبكيَنكَ ذرَّاتُ الثرى جزعاً
ولتبكينَّ حروفُ الشعر والمقلُ
يبكي ترابُ الجليلِ الحرِّ شاعرَهُ
ويذبلُ الزهرُ إذ وافى الحَيا الأجلُ
فكمْ صُلبتَ وكم أسقيتَ من كدَرٍ
وكم قتلتَ، وكم أودت بك الشِّللُ
وما هربت وراءَ الجاهِ تسرقهُ
ولا عماك هوى الدولار والفِللُ
ولا طواكَ العدوُّ الغِرُّ مغترباً
عن الجماهيرِ تحدوها وتحتفلُ
فكنت وحدَك في الهيجاء توقظنا
بموجِ بحرك إذ أزرى بنا الطَّفَلُ
فقد أتيتَ طلولَ الأرض تمهرُها
بصوتك الحرِّ إذ أغوى بكَ الطللُ
وجُبتَ "عكا" وقد نادتك" بروتها "
وكفرَ قاسمَ يندى جرحُها الخضِلُ
وردتَ نبعَ الأسى والصبحُ محتضرٌ
وهمتَ في البؤس حين الموتُ يقتبلُ
قاومت حين أغار الغزو منتجعاً
خنادقَ الروح والأوطانُ تنتسلُ
نهلتَ من نبعها حتى ارتويت، وهل
يُلامُ مَن كان مِن مأساته النهلُ
قاومت دهراً وأشعلت الحروفَ هنا
وقد تمرَّد صبحُ الحرف والشعلُ
وصُلت بين ربوعَ الأرض ممتشقاً
سيفَ القصيدة وهّاجاً به الأسَلُ
وقمت تذرعُ أرضَ العُربِ تنهلها
نهراً من الشعر تحدو ركبَكَ القبَلُ
شعرٌ يحلِّق في الآفاق كلَّلَها
كأنها البدرُ يجلو روحَهُ الغزلُ
فهل تعودُ؟ وهل للشعر من وطنٍ
سوى قلوبٍ دوامٍ جرحُها خضلُ؟
درويشُ ضاقت بطهرِ الطهر مهزلة
قد ضجَّ يبغي نجاة دونها الهزَلُ
درويشُ ما زال ليلُ الأمس مرتجلاً
مأساة شعبكَ يحدوها ويرتجلُ
ويبتنيها قبوراً لا يحلُّ بها
إلا الشقاءُ وبؤسُ الأهل، والخطَلُ
فقد توارى الضميرُ الحيُّ واقتتلت
عشائرُ الحيِّ واجتابَ المدى الفشلُ
ورامتِ الأسدُ وجراً تستَكِنُّ به
ورام وِردَ عرينَ الضيغمِ الحَمَلُ
معاذ ربّي أخي ما كنت مفترياً
فقد تسلَّمَ عبساً بعدكمْ هبلُ
ليستهينَ بنا الأعداءُ، والَهفي
على النشاما، فهل راضتهم الدولُ؟؟
تحارُ منا جلودٌ كنتَ تسكنُها
ونحن بالساحِ مضروبٌ بنا المثلُ
فالآن نسكرُ في الحانات وا لهفي
ودوننا الجرحُ يبكي سيلَه الجبَلُ
نبيتُ نمحو ونمحو ثم يقتلنا
سهمُ الغواني ببحر الشعر تغتسلُ
مَن للقوافي إذا غالت مفاتنها
كؤوسُ خمرٍ بها الشعراءُ قد ثملوا
إذا الحروفُ شكت أوجاعَها طربوا
وإنْ تهتّكتِ الأعراض ما خجلوا
قمْ وانظرِ الليلَ إذ طال السُّرى ودهى
مفاتنَ الشعر ما حاكوا وما نسلوا
ترى القصائد قد صارت ينمِّقها
على نهود العذارى شاعرٌ غزِلُ
فالشعرُ يغفو على نهدين متكئا
ويستريحُ على أبراجهِ الدَّج
والشعر يهربُ منا حين نقصدهُ
فقد ملَلنا وشاخَ الشعرُ والمللُ
والشعرُ في الدنِّ قد صبَّته غانية
وحولها الشَّربُ تشكو سكرَه الجُملُ
فالسُّكرُ يسكرُ منا إذ نعاودُه
كأساً وكأساً، ودنُّ السكر يبتهلُ
فهل يعود بنا التاريخُ يذكرنا
في الليل إلا كذكرى أهلها ارتحلوا ؟؟
وقد تولّت عهودٌ كنت تذرعها
وتنفثُ النارَ في عنفٍ فتشتعلُ
وصار شعبُك قرباناً لآلهةٍ
وصارت الأرض حلماً دونه زحلُ
وليس في البيدِ صعلوكٌ يطوفُ بها
وليس في الربع مَن يحمي ومَن يصلُ
وهاجرَ الشعرُ مثل الأهل إذ لجأوا
وصار مرتحلاً، حقاً، كما رحلوا
وبيعَ شعرُك بالدولار واستترت
مفاتنُ الأرضِ واستقوت بها المِلَلُ
ولونك الحرُّ قد أخفت ملامحَهُ
على سفوح تباهت فيك تحتفلُ
وصوتُك الحيُّ فوق الريح تنثرُه
أيدٍ يكبِّلها الطاعون الشَّلَلُ
وقلبك الطفل قد غالوا أمانيه
وساومتهُ المنايا والدجى الوَجلُ
هل انتظرت طيورَ الورد عائدة
لأرض "بروة" أم هل ضاقت السبلُ؟؟
أم ماجَ في القلب بحرُ شاء عابرُه
أن يستقلَّ سفينَ العودةِ الأوَلُ؟؟
إلى محمود درويش

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى