الاثنين ٢٥ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم أحمد مظهر سعدو

أيقونة عشق لمحمود درويش

ما مات من عشق فلسطين بشعره وقلبه ووجدانه.. ما مات أبداً من لامس بأقحوانة شعره جرح الأمة الغائر في غزة ورام الله وحيفا ويافا واللد والرملة وكل فلسطين.. عاش عاش محمود درويش الراحل بالأمس جسداً فقط.. عاش معنا ومع أجيال لم تأت بعد.. ليزرع الأمل في عيون أبناء الشهداء، وزوجات الأبطال الراحلين.. ليس في فلسطين وحدها بل في كل شبر من أرض هذه الأمة المترامية الأطراف.. من عُمانها إلى صحرائها الغربية ومن سودانها إلى الموصل ولواء سكندرون، في أيقونة العشق الوطني العروبي لدرويش حالات من الهيام المتواصل مع زوايا الانفلات في الذات العربية، في صوته بحة العروبة الصاعدة أبداً نحو السماء، لكنها العربية بامتياز..

غادرنا محمود درويش على حين غرة، ودون سابق إنذار، أو استئذان كما تغادر قُبَّرة أعشاشها.. وانتزع منا جميعاً كما تنتزع الروح من جسدها.. لا لم يكن رحيلاً ماجرى، ولم يكن مغادرة ماحصل، بل الإندماج في الأنا الكلي للعشق الإلهي لوطن مازال يئن تحت الإحتلال، لا لم يرحل درويش - هكذا قالت الطفولة العربية، وهكذا نطقت الأم العربية – بل كان رحيلنا جميعاً رحيل إلى هناك حيث الكل من الواحد، وحيث نحن ولا نحن، في الملكوت الآخر، وفي المعرفة المطلقة والعرفان..

نعم مازال صوتك يا محمود درويش يرن في مسامعنا وفي عقولنا ووجداننا.. فنحن لم نغادرك أبداً ولن نسمح بأن تغادر فلسطين ذواتنا.. لأنك كنت جل فلسطين وصوت فلسطين والآه الحارقة الخارقة المارقة لخصلات شعر وطن العروبة المندمج في الماهية العشقية لكل فلسطين..

مازال صوتك.. صوت الملاجئ مع هدى حنا، وهو نفسه لم يزل في صوت يوسف الخطيب وتجلياته، وحرقة صوت خالد أبو خالد.. شاعر فلسطين. لا لا تبرحنا يادرويش.. لأنا لن ولم نبرحك مطلقاً.. فمازالت فلسطين سليبة، ومازال الإقتتال الداخلي وجعاً آخر أرقك وهو يؤرقنا اليوم وغداً ما استمر هذا الفعل الشنيع..

لا تبرحنا فنحن لم نبرح بيروتك، بيروت يا بيروت.. بيروت المقاومة والصمود والهوية والبندقية.. لا لن نبرح دواوينك وصوت العشق في ابتعاد وصول بحثك الشعرية.. وستبقى الأجيال الآتية والتي أتت واقفة متسمرة أمام أشعارك وبيانك وأي بيان ماسطرت وتركت.. فنحن أنت وأنت نحن وهم هم وسيبقون هم مابقي صوتك الفلسطيني يغرد في تلافيف الحلزون الدهيليزي لمسامعنا..

طب نفساً وروحاً يادرويش فقد تركت إرثاً سيخلدك ويخلد فلسطين حتى يوم فلسطين وما بعد فلسطين.. وبعد بعد فلسطين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى