الأحد ١٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم وليد رباح

الاستماع الى اغنية ( آه يا قفا) يغضب الشرطه

ليست هذه مفاضلة بين الشرطة في البلاد المتحضرة والشرطة في الوطن العربي .. فهما في السوء سواء .. ولكن الشرطي العربي ( الذي هو عادة في خدمة الشعب) يأتي قفاك اولا .. اما الشرطي ( المتحضر) فيأتيه ثانيا .. اسبح معي قليلا مع هذا التيار ..

** ** **
(رجع وقفاه يقمر عيش) .. مثل مصري يقال لمن لم يستطع نيل ما يرغبه فعاد دونه .. هذا في حياة المجتمع العربي العادية .. أما في قسم الشرطة فمنذ دخولك يبدأ ( التقمير) على مستوى الجرم الذي ترتكبه ، فسواء كنت تحمل ورقة لتوقيعها او مراجعة تريدها أو سؤالا اشكل عليك او الابلاغ عن حادث يزعجك فلا بد ان تضرب على قفاك .. لماذا ؟ لآن الشرطة في خدمة الشعب ..فلا عجب ان يخدمك الشرطي جيدا لكي تسبح بحمد النظام وتذكر نعماءه عليك.. ولانها ثقافة التقمير التي يمارسها الشرطي العربي لكي يقنعك أن العسس في خدمتك .. تماما مثلما هو الشعار على ابواب السجون الذي يقول : السجن تأهيل واصلاح .. فمع ذلك التأهيل وهذا الاصلاح .. فان الشرطة مسئولة عن تزويدك بكمية المخدرات التي ترغب فيها .. وتحميك ان كنت بلطجيا تضطهد غيرك من السجناء .. وتنقل الرسائل بين المتهمين او المحكومين واهليهم أو للمتهمين الذين لم يقبض عليهم بعد .. وتنام على الحرير ان كانت النقود تسيل في يدك .. وتستمتع ( بميزات ) السجون ان كانت لك واسطة كبيرة بحيث ترتاح في سجنك ولا ترغب في مغادرته ..

والقفا ايها السادة فيه الكثير من الخلاف والاختلاف .. فهو في فلسطين يعني المؤخره ( والمناسبة فان المؤخرة العيب لها أكثر من ثلاثين اسما في اللغة العربية ولا نريد تعدادها حتى لا يغضب المتدينون فهم يتغاضون عن الاسماء المعيبة في جسدك ) .. اما في مصر فيعني الرقبة الخلفية .. وفي سوريا يعني الظهر .. فيا ايها السادة .. اذا كنا لا نتفق على اسم للمؤخرة فكيف تريدون وحدة عربية .. واغلب الظن انه لو حدثت معجزة وتحققت الوحدة فلسوف يقضي المثقفون ومجامع اللغة ردحا من الزمن حتى يتفقوا على اسم لها .. واطمئنوا ..فلن يتفقوا فتفرط الوحدة .. والسبب ( المؤخرة ) لعنها الله .

وقفا الانسان العربي او مؤخرته تختلف عن قفا الانسان الغربي أو الامريكي( او الديمقراطي) في الشكل والمضمون .. فهي سمراء في الوطن ولا بيضاء هناك الا ما ندر .. بحيث ان حفلة ( التقمير) التي تمارسها الشرطة لا تترك اثارا يمكن ان يستخدمها (المقمر به) امام القضاء .. فهي لا تترك اثارا واضحة حاسمة، وفي العادة تسجل الشكوى ضد مجهول .. فلربما ضربك الجن على قفاك .. اما قفا البني آدم الغربي فهي بيضاء مثل الثلج بحيث انك اذا ما لمستها احمرت واخضرت وتلونت بحيث تبين آثار العصي والصعق فتكسب القضية .. وعلى اية حال فليطمئن الانسان العربي لان الكثير ممن ( يقمرون، بفتح الميم) يخافون الشكوى خشية تقمير اشد وطأة فتتحقق مقولة ( الشرطة في خدمة الشعب ) ..

وعوضا عن التقمير هناك ( التهيئة) وتعني ايها السادة والسيدات واطفال المستقبل .. ان الشرطي العربي اذا ما ارتكبت حادثة تافهة ان يجابهك بالشتائم التي تطال امك واختك وخالتك وعمتك وكل اقاربك .. ثم يبدأ التقمير في الشارع او على الناصية او على رصيف عامر بالناس على المستوى الذي تحب حتى ( يتأدب) غيرك على غرار المثل الذي يقول ( اضرب المربوط فيخاف السائب ) .. أما الشرطي الغربي فانك اذا ما ارتكبت مخالفة سيارة مثلا .. يأتيك من شباك سيارتك مبتسما ثم يضحك ويقول لك : سيدي ، لقد ارتكبت مخالفة بسيطة وهي لا تكلفك سوى بضعة دولارات .. اعطني رخصتك وتأمينك ..فان عاندته وجادلته فسيأخذك الى مركز الشرطة بكل الاحترام الذي ترغب .. بحيث تظن انك رئيسا للجمهورية .. أخطأ الشرطي في ( وظيفتك) فظنك مواطنا عاديا .. وعندما تدخل المركز يبدأ التقمير بحجة مقاومة رجال الشرطة اثناء ادائهم لعملهم .. وهكذا فالفرق واضح .. ففي داخل المركز لا يشعر الناس بك .. ولا يشي احد بالشرطه .. اما في الشارع فالعكس تماما .

ويختلف التقمير عادة بين هذا وذاك .. فالشرطي العربي يقمر بباطن يده اليمنى اواليسرى لا فرق .. لكي يمرن عضلات يده وتظل فاعلة ومؤثرة .. وعندما يجرك الى المركز يجرك بمفرده ولا يستعين بشرطي غيره .. لانك جبان امامه ويستطيع احدهم ان يغلق حيا باكمله وحيدا .. اما الغربي فانه يستعين بالادوات التكنولوجية في سيارته فيستدعي عشر سيارات شرطة اخرى اذا اقتضى الامر لكي يرعبك .. ومن ثم يستخدم العصا التي يحملها عادة في حزام بنطلونه وفي رأسها(دبسة) يمكن ان تقتل فيلا اذا ما استخدمها بعنايه .. هذا عوضا عن الصعق بالكهرباء او استخدام الرذاذ الذي يسبب العمى المؤقت حتى يشل حركتك فلا تقاوم .. ومع كل الجهد فان الشرطي العربي يتقاضى راتبا شهريا لا يكفي لطعامه وشرابه .. لكي تكثر السرقات والرشاوي والعمولات وغير ذلك.. اما الغربي فلا حاجة له بالرشوة فان ساعته في الخدمة تتجاوز العشرين دولارا ..

سيدي القارىء .. احلم في ان تكون عربيا او غربيا .. فان انظمة الحكم في هذا العالم كلها واحدة ..فهذا العالم تحكمه مافيا لا مجال لتغييرها .. انها ارادة الله .. وانه الخلاف والاختلاف لكي يعمر هذاالكون .. واني بالمناسبة ازجي التحية للفنان محمود عبد العزيز الذي يغني للقفا في فيلم الكيف .. فهواحسن من يعبر عن قفا الانسان في هذا الكون .. وتحياتنا ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى