الأربعاء ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم
أغــنــيــة إلى أمّــــِي
أُمِّي..حينَ تَصَدَّرَ أَوْراقيذاتَ خَريفٍ رَقْمُ التَّأْجيرِوَأَمْسى-إِمّا اتَّسَقَ القَمَرُ العاشِقُإِمَّا غَبِِشَ اللَّيْلُ الْمَعْشُوقُ-يُزاحِمُ كُلَّ حُروفِ اسْمي الْمَكْسُورِوَأَصْبَحْتُ أُناقِشُ جَهْراًما تَحْمِلُهُ أَعْمِدَةُ الصُّحُفِ الْيَوْمِيَّةقُلْتُ- وَلَوْ لَمْ يَكُ ليفي الْبَنْكِ رَصيدٌ-:اَلآنَ كَبِرتُ وَصِرْتُ أَنَا رَجُلا****أُمِّي..حينَ وَقَفْتُ أَمامَ الطَّلَبَهأَشْرَحُ أَبْيَاتَ مُعَلَّقَةٍوَقَّعَها بَيْتاًبيْتاًخَلْفَ القُضْبَانِ مَساكينُ بِلادي الْمُغْتَصَبَهْ:هَذَا يَسْمَعُذاك بِعاطِفَةٍ غامِضَةٍيَتَصَفَّحُ – وَالْخَوْفُ يُمَزِّقُهُ-قَسَماتِ مُحَيّايَ العاشِقِيُرْسِلُ نَحْوِي نَظَراتٍ مُكْتَئِبَهْوَالآخَرُ تُشْعِلُهُ كَلِمَاتي الْمُلْتَهِبَهْقُلْتُ: الآنَ كَبِرْتُ وَصِرْتُ أَنَا رَجُلا****حِينَ أَيا أُمِّيأَصْبَحَ لِيبَيْتٌ/ أُلْقي جَسَدِي في أَحْضَانِهْبِنْتٌ/ تَقْتُلُ ما في جَوْفِي مِنْ أَصْداءْزَوْجٌ/ أَخْزِنُ في قَلْبَيْها تَعَبِيتُخْفِي عَنْ عَيْنَيَّ جُنُوني/قُلْتُ: الآنَ كَبِرْتُ وَصِرْتُ أَنا رَجُلا****أُمّي..حينَ صَباحَ اليَوْمِ حَمَلْتُ القُفَّهْوَخَرَجْتُ وَحيداً يا أُمِّ إِلى السُّوقِأُصارِعُ غاباتِ الأَسْعارِ الْمُشْتَعِلَهْكانَ حِصانِي حِيناً يَكْبُوحينَ يَجْفِلُيَتَحَدَّى كُلَّ الأَنْهَارِ الْمَسْعُورَه..................................أُمِّي..حينَ إِلى البَيْتِ رَجَعْتُعَلَى فَرَسٍ بَيْضاءَوَفي القُفَّةِ أَشْجارُ التّينِوَأَشْجارُ الزَّيْتونِوَأَشْجارُ اللَّيْمونِوَأَشْجَارُ التُّفّاحْكانَتْ سَارَةُ ـ بِنْتِي ـ تَتَسَلَّقُنِيوَالْفَرْحَةُ نَشْوَى تَتَدَفَّقُمِنْ عَيْنَيْها الصّاحِيَتَيْنكانَتْ تَقْطِفُ مِنْ أَغْصانِيما طابَ لَهَا مِنْ فاكِهَةٍ رَطْبَهْوَتَقولُ بِنَبْرَتِها العَذْبَهْ:"اَلآنَ كَبِرْتَ وَصِرْتَ ،أَبِي، رَجُلا"حَقًّا أُمّياَلآنَ كَبِرْتُ وَصِرْتُ أَنَا رَجُلا****أُمّيآهٍ يا أُمّي..آهْحينَ دَخَلْتُ أَقاليمَ الغُرْبَةِ يا أُمّاهْحينَ تَمَزَّقْتُ وَعِشْتُ بَعيداً عَنْ عَيْنَيْكِ الْمُمِْطِرَتَيْنْكانَ قَليلاً زادي وَبَعيداً سَفَريوَطَريقي غَطَّتْ جَنَبَاتِهْسيقانُ الغيلانِ وَأَغْصانُ الْجِنِّ الْمُشْتَبِكَهْحينَئِذٍ سَقَطَتْ مِنْ جَسَدِي عَضَلاتِي الْمُرْتَبِكَهْسَقَطَتْ مِنْ وَجْهي عَيْنايَ.وَمِنْ صَدْري رِئَتايَ.وَمِنْ رَأْسي شَعْريحينَئِذٍ أَدْرَكْتُ بِأَنّيما زِلْتُ كَما عَهِدَتْنِيعَيْنَاكِ أَيَا أُمّي طِفْلا.هَلْ يَقْدِرُ طِفْلٌ أَنْ يَحْيافي الْبَطْحَاءِ بِلا أُمٍّفَمُري بِاللهِ عَلَيْكِ رِيَاحَ الْمَشْرِقِأَنْ تَحْمِلَ لي مَعَ هَذَا الفَجْرِ الرَّقْرَاقِقَميصاً نَسَجَتْهُ يَداكِعَسَى بِحَدائِقِهِتَتَحَوَّلُ عَيْنَايَ سِراجاً وَهّاجا****أُمِّي..أَعْتَرِفُ الآنَ بِأَنّـيلَمْ أَبْلُغْ بَعْدُ أَشُدّيلَمْ أَبْلُغْ بَعْدُ أَشُدّي