الثلاثاء ١٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم عبد اللطيف النكاوي

العابرة

  شيء محزن!
  قد يكون الحزن في عينيك...
  بمثل هذا الكلام قد نبرّر، يا سيّدتي، كل أحزان العالم!
  عالم بلا أحزان! وتنهّدتْ.
كان من عديمي المأوى أو المسكن القار، أنهى خطبته وبدأ يتسلّل بين " عديمي الحياة "، يتوسّل هذا ويسترحم ذاك.
لم أعطه شيئا ولا هي زادت على عطائي بشيء. لا أعرفها، ولا تعرفني، جمعنا " الميترو" وخطبة عديم المسكن القار.
  أنت سعيدة؟
  لا.
  إذن أنت حزي...
  .....
  ...وتدافعين عن الحزن!
صامتة. "الميترو" ينساب في غاره المظلم. ُيرقصنا ويُهدهدنا. رشفتُ قطرة من خمر عينيها الغامض:
  ما الذي يُحزنِك؟
  انهيار...
  انهيار بيتكِ كبيت خطيبنا!؟
ضحكتْ فأشرقت عيناها:
  لا...انهيار أحلام الحياة.
  وهل توقّفتِ عن الحلم؟
  لا.
  إذن لم ينهر شيء.
ابتسمتْ وبنظرة قد تعجز شوّافات الدنيا عن فك ألغازها، فحصتني وكأنها تبحث عن سر ما، في تقاسيم هذا الوجه الطريد.
  تسأل كل الناس هكذا؟
  ولا يجيبونني هكذا.
كان في ارتجاف شفتيها قبل كل كلمة وكأنها تصارع تيارا من القول، التهاب وتلهف لكشف الستائر، مع بعض الغموض والحيرة.
  من أنتَ؟
  ألا يكفيك الحضور؟
  لا...أريد...فقط...
  تسألين الغيب عن الوجود!؟
أضربتْ عن السؤال لتلهبني بأسئلة النظرات والتأوّهات. من يستطيع الوقوف في وجه سؤال صيغ ببريق عينين حالمتين وبخطوط شفاه نديّة؟. أفرغتُ نفسي من كل الطلبات العاجلة وصرتُ أُصغي لأصداء صراع قديم بين الأعراف، بين الرغبة والدهشة. كلّما خفّتْ أصداؤه صببتُ عليه شيئا من زيت الغموض والسفر في الضباب.
نزلتْ وفي يدي دسّت تذكرتها. أرقام خُطّت على ظهر التذكرة على عجل.
سألتْ ونظرة حائرة تسبقها:
  ورقمك؟
  ها..ليس الآن...
  ....
  أليس يكفي رقم لطرد ظلال الأسئلة؟
في صباح ليس يشبه ذاك المساء، دخلتُ المخدع الهاتفي وألّفتُ الرقم وأنا أفحص ظهر التذكرة. رنّات ويأتي صوت المجيب الآلي:
  الرقم الذي تطلبون...راجعوا دليل المشتركين!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى