الاثنين ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم صبحي فحماوي

العولمة كما يجب أن تكون

سألني كثيرون قائلين: بصفتك مؤلف رواية(الحب في زمن العولمة) هل تكره العولمة ؟ فلم أجبهم، ولكنني أُسرُّ لك موقفي من العولمة، (فلا تجيب "شيرة"، على رأي "ثمعة".) فأنا أتخيل عندما تقوم عولمة، فإن دولة بريطانيا ستغير سير سياراتها ومركبات دول مستعمراتها السابقة، والتي كانت تسير على اليسار، ليكون السير فيها مثل باقي سيارات خلق الله، على اليمين. فتصير غير ملخوم، وأنت تقود سيارتك في لندن، أو قبرص، أو حتى تقطع الشارع، فلا تصطدم بسيارة، لأنك متعود أن السير على اليمين!...

والعولمة في نظري تتم، عندما تغير أمريكا وكل من يدور في فلكها الكهربائي، قوة الكهرباء لديها من 110 فولت، إلى 220 فولت، فعندها تتوحد كل الأجهزة التي تعمل بالكهرباء، ولا يضطر العالم لإنفاق مليارات الدولارات لتحويل شدة التيارات من- إلى، فلا يبقى في العالم تباين كبير في الشدة!... ونستفيد من العولمة عندما تتغير المقاييس من ميل، ويارد، وإنش، المعقد تحويل وحداتها، لتصبح الكيلومتر، والمتر، والسنتيمتر هي السائدة في كل العالم. وعندما تتغير درجات الحرارة الفهرنهايتية، والتي لا نفهم منها شيئاً، لتصبح موحدة في كل العالم درجات الحرارة مئوية.
وعندما تتغير الأوزان من باوند وأوقية وأونس، ومشتقاتها التي لا نفهمها، لتتوحد موازين كل العالم تحت نظام الطن والكيلو والغرام، فعندها نشعر بالألفة العولمية...

وتتم العولمة إذا تم توحيد الأرقام العالمية، لتكون حسب الرقم العربي1+2+3+4 المعمول به حالياً في كل بلاد العالم، ما عدا بلاد العرب الذين يصرون على استخدام رقم هندي! لماذا ؟ أنت لا تعرف أمة تتخلى عن أرقامها، وتتبع رقماً بديلاً، غريباً عليها، تماماً كما كان بعض العرب أيام زمان يستخدمون الروبية بدل الدينار العربي، الذي أتمنى أن يسود تعاملات الوطن العربي، كما ساد اليورو في أوروبا، وألغى المارك والليرة والفرنك وغيرها...

وتتم العولمة، عندما يكون هناك جيش (حق) للأمم المتحدة، ليوقف المحتلين لأراضي الآخرين بالقوة، دون الخضوع لمصالح الدول الكبرى والمستعمِرة، في قلب موازين الكرة الأرضية، لتحقيق أطماعهم الإقتصادية والسيادية، القائمة رفض الآخر وإزالته.

ولو اعتمدت كل دول العام لغة واحدة، لتكون اللغة الثانية في مدارسها وجامعاتها، فتصبح اللغة السياحية والعلمية والثقافية، فتكون العربية مثلاً هي اللغة الأم، والإنجليزية هي اللغة الثانية، دون اعتماد لغات أخرى متنوعة، كلغة أجنبية، لتوحد تفاهم شعوب العالم بلغة ثانية موحدة، مع الاحتفاظ لكل أمة بلغتها الأصلية، كإثراء للطبيعة الحضارية لدى الأمم.

ونشعر بفوائد العولمة، عندما تتوحد مختبرات أبحاث الصحة، فلا تبحث كل دولة وحدها عن علاج لمرض الإيدز أو السيدا المنتشرة في إفريقيا، مثلاً، فتتوفر ميزانية دولية لأبحاث الأمراض الخطيرة المستعصية، وأن تدعم هذه الميزانية الضخمة الموحدة تخفيض أدوية العلاج لهذه الأمراض، فتوقف انتشارها بين شعوب العالم، فيستفيد كل العالم بهذه المعطيات الصحية.

لو عملت العولمة على مكافحة الأوبئة، والأمراض الجديدة التي تقتل في العالم عشرات أضعاف ما يقتله الإرهاب، والذي لم يتم حتى الآن تعريف لماهيته، وهل المقاومة إرهاب ؟ وهل سارق رغيف الخبز ليأكل، هو إرهابي؟

العولمة تعني في نظري عدم التمييز، وعدالة في المعاملة لكل شعوب العالم، فلا يدخل الغربي إلى دول العالم الثالث دون تأشيرة دخول مسبقة، بينما يمنع العربي من دخول بلاد الغرب، إلا إذا... العولمة تعني المحبة، وتلاقح الحضارات، وليس صراع الحضارات، القائم على نهش القوي للضعيف، واستبداها بالتكامل الاقتصادي، فدولة لديها أيدي عاملة مثل تركيا، ودولة محتاجة للأيدي العاملة مثل أوروبا وروسيا.ودولة لديها مصادر نفطية ومياه وسهول خصبة كالسودان، ودول عربية لديها أموال، ممكن استثمارها في الزراعة وإنتاج أغذية بدأت تلتهب بأثمانها..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى