الأربعاء ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم محمد متولي محمود

قبو وقبو

اندفعت من أعماقه تنهدة تكسر جمود روحه لوهلة خاطفة ثم عاد الجمود إلى حاله اللهم إلا من بضع أنفاس مختنقة هنا وهناك تُسمَع خلسة بين الحين والآخر متسللة من بين عواء انفجارات صاخب بالخارج ونعق طائرات مختلطة بهمسات متألمة مع بعض أنين حيي..وسخونة الجو داخل القبو الحالك تزيدها دمعات صامتات.

لم يعد يدرك كم من ساعات مرت عليه في بهيمية هذا الليل المتصل وهو لا يغمض له جفن..يسمع فقط ولكنه أبداً لا يرى. قرر أخيراً أن يسلم ظهره لتراب الأرض المعجون بالدود شاخصاً إلى أعلى ممنياً ذاته بنوم وإن كان قلقاً ولكنه قد يصحو منه على باب القبو وهو ينفتح ونور الفجر يغسله..ولكنه عاد فاعتدل نافضاً عنه أي رغبة نوم عندما تذكر أنه هو من أغلق باب القبو من الداخل عليه هو والآخرين محتفظاً وحده بشفرة أقفاله ثم تقوقع في مكانه ضارباً على ذاته قبواً آخر عندما اشتد صخب الموت بالخارج واقتحم ظلمة قبوه الأكبر من خلل بابه الضيق بصيص ضعيف من لهيب النابالم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى