السبت ٧ شباط (فبراير) ٢٠٠٩
بقلم وليد رباح

الجميل عادل امام يتحدث عن قبحــــه

ربما لا يستطيع الفنان ان يستر عورته عندما يبلغ درجة الغرور، وربما استطاع لكن وصمة العار لن تمحو سجله لدى محبيـــــه، ولا ننكر مطلقا ان عادل إمام الفنان (وليس السياسي) أو (بوق السلطة) قد اضحكنا كثيرا، على انفسنا أولا لأننا خدعنا به.. وعليه ثانية لآنه دخل (حقل اللغام) لا يستطيع الخروج منه إلا بعلة دائمة، أو على الأقل ببتر أحد أطرافه، ليركب طرفا صناعيا لا يحميه من العرج.. ولا يعيد أليه البريق الذي تحلى به ردحا من الزمن ثم أخذ نجمه يأفل كما القمر بدرا ثم يتلاشى ليتحول إلى هلال ثم إلى محاق .. ولا يعود الناس يذكرونه الا عندما يبزغ مرة آخرى .. وهيهات أن يبزغ من أوقع نفسه في حفرة طمرته حتى اذنيه ..

كلنا أحببنا عادل امام .. ولقد ضحكنا كثيرا على شكله اكثر مما ضحكنا على كلماته .. فقد منحه الله سبحانه جودة في التمثيل وقلة في الوسامه.. عقلا نيرا في البدء وهاوية سحيقة في النهاية.. وكلنا يدرك ان القمة يصعب الوصول اليها .. ولكن الصعوبة الاكثر ان تظل فوق القمة.. وهذا ما فعله عادل امام .. فقد سقط من فوق القمة سقوطا ذريعا.

ولا ننكر على عادل إمام أنه يحب مصر .. فمن لا يحب مصر فهو من فصيلة العميان .. سواء كان من يحبها سوريا أو اردنيا او فلسطينيا أو لبنانيا او غير ذلك .. فمصر هي قلب الامه العربية ، هي مصر عبد الناصر وطه حسين وام كلثوم وسعد زغلول ونجيب الريحاني وفطاحل هذه الامة شعرا وادبا وسياسة وخلقا .. ولكنا ننكر عليه ان يقوده حبه الى تسفيه الاخرين .. فابن زيمبابوي يحب وطنه .. وابن هنولولو كذلك .. حتى عبيد روما كانوا يحبونها ولا يعني اضطهادهم انهم كرهوها .. فالوطن يعيش فينا ولا نعيش فيه فقط .

كما لا ننكر ايضا ان لعادل امام مواقف مشرفة من قضايا الامة العربية القومية .. ولقد ادمعني مرة عندما ركب الطائرة متجها الى غزة ليقابل عرفات ويشد على يديه .. لكن سجله الشرفي هذا مسح باستيكة كبيرة مثلما يمحو صغار الطلاب لوحهم الاسود الممهور بالطباشير بعد انتهاء الحصه ..

وبسبب افول هذا النجم الذي غدا يأفل رويدا رويدا بعد صعود بدلاء الشاشة .. فقد اراد ان يحدث فرقعة اعلامية مسخرة .. ونسي ان هناك نسبة ليست ضئيلة تنعي عليه ما قاله .. من انه سوف يكسر رجل من يتخطى الحدود المصرية .. ويعني بذلك الفلسطينيين .. وليس غيرهم ..

لم نسمع من عادل امام ما يمكن ان يقال عندما يرى السواح الاسرائيليين يملآون ساحة مسجد الحسين ويجلسون على مقهى الفيشاوي وثلاثة ارباعهم من الجواسيس الذين يعملون في الموساد.. لم نسمع منه كلمة واحدة عندما فتح ملف الاسرى الذين قتلهم شارون ابان حرب 67، لم يقل كلمة واحدة عندما خرجت احصائية تقول انه منذ اتفاقية كمب ديفيد وحتى اليوم قتلت القوات الاسرائيلية مائة وسبعة وستين مصريا على الحدود، ولكنه صمت صمت القبور عندما كانت الطائرات الاسرائيلية تقذف بالفسفور الابيض على اجساد الصغار من الفلسطينيين ، واني لاتصور كيف يكون حال عاد ل امام اذا كان واحدا من اولئك الصغار هو ابنه .. مع انني اعرف انه بلغ مبلغ العجزة فلا صغار له .. واني احببت رؤية ابنه على الشاشة الصغيرة . وتمنيت ان لا يكون مثل والده .

نحن ايها السادة نشجع عادل امام على ان يكسر ارجل الفلسطينيين عندما يجتازون الحدود دون تأشيرة .. حتى في زمن الفوسفور الابيض .. ولو انه تحدث فيها قبل ان يتحدث ابو الغيط لغفرناها له .. لكنه جاء كالببغاء يردد ما قاله وزير خارجية مصر يوم كانت اللقمة تحيى وتميت فيمنعها ابو الغيط .. فما الذي يفترق فيه ابو الغيط أو عادل امام عندما يسمعان رابين القتيل يتمنى ان يستفيق من نومه فيرى غزة وقد ابتلعها البحر .. ونحن نعترف ان البحر لا يبتلع اهله .. وانما يبتلع الغرباء .. لا فرق بينهما .. لكن الفارق ان الاول يريد موتا جماعيا والاخران يريدان موتا فرديا لمن يجتازون الحدود .. وفي النهاية يؤدي التفكير فيهما انهما يؤديان الى نفس الغرض .

ما زال عندي بقايا حب لهذا الفنان.. ولكنه الحب الذي يؤذي .. الم يسمع احدكم بالمثل الذي يقول : ومن الحب ما قتل .. مع علمي الاكيد انني أغفر للعصفور حبه للغناء وللدجاجة نقرها لعلف الجيران وللصغير سرقته للعبة صاحبه .. لكنه الحب الذي يرقى الى مرتبة الحذر..

عادل امام قف موقفا بطوليا رائعا وقف على رأس الدبوس مرة واحدة في حياتك العملية وليس التمثيلية لكي تقول بملء فمك انك اخطأت.. وانك لم تكن تقصدها .. وانك تحبنا كما نحمل اليك بعض الحب بعد فعلتك المقيته .. قل انك تريد شيئا من حكومتك الرشيده ففعلتها مرغما .. قل انك تريد فرقعة اعلاميه.. قل انك حتى مريض بالحمى لندعو لك بالشفاء .. قل انك كنت اعمى وقد عالجك الاطباء فاصبحت ترى .. قل انك شاركت في نقل رفات الشهداء فازعجتك الرائحة فأخطأت من هول الصدمه .. قل ما تشاء.. لكن لا تقل لنا انك اصبحت سياسيا وفارسا مغوارا من فرسان النظام الذي يحكمك باحلى (ديمقراطية) شهدتها العصور .. فانت يا سيدي بفعلتك هذه تتلون مثل الحرباء بين الحشائش.. مرة خضراء ومرة اخرى صفراء يابسة وثالثة تعود الى جلدها الاصلي عندما تكون في العراء .. وانت اليوم في العراء.. فغط نفسك والا غطاك الناس بكفن فيه رائحة الفوسفور الابيض .. هذا الفوسفور الذي هو قادم اليك ان لم تشد ازرهم.. وان اولئك الذين يموتون فيه يموتون دفاعا عنك وانت تقبع في قلعتك البيتية في القاهرة.. واني لانصحك ان تقرأ شيئا عن امن مصر القومي لكي تقنعك كلماتي .. والى لقاء آخر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى