الثلاثاء ٢٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٩

السوبر حداثة والسوبر تخلف لحسن عجمي

بقلم: رؤى البازركان

يبرهن الكاتب والمفكر حسن عجمي مقولته أن الثقافة هي خلق سلوكيات وأفكار جديدة بدلا من اتباع عادات وتقاليد قديمة، والثقافة التي نصنعها اليوم تتشكل في المستقبل بدلا من أن تكون هي التي تصنعنا فهكذا نتحرر من ظلام يقينياتنا السلوكية والفكرية. (1)

فالبرهان يكمن في ان الكاتب حسن عجمي متواصل البحث في الميدان المعرفي من خلال انجازه الواسع لاصداراته المتلاحقة في عالم يضج بالعنف والصراعات الطائفية فاقد للحقوق والحريات الإنسانية،ولم تثنيه مناخات الاحباط والتهميش لدور المثقفين والمفكرين في اوطانهم من الانقطاع عن الكتابة والاجتهاد في إثراء ساحة الفكر العربي لطروحات فكرية جادة ومتجددة وفق معادلات تحمل حلول منطقية لمعضلات الواقع العربي المعاصر فالديموقراطية حسب حسن عجمي مناخها الحرية فتنقص بذلك الطائفية والعنصرية لذا نجد مع احتلال العراق من قبل أميركا زادت الطائفية والعنصرية ونشأ الصراع المذهبي والعنصري يدلنا هذا على استحالة تحقيق الديمقراطية بالقوة والتسلط.(2)

وتضمنت اصداراته الفكروفلسفية سلسلتين من الكتب،الاولى عن السوبرات وهي ستة كتب، السوبر حداثة - السوبر مستقبلية - السوبر اصولية - السوبرمعلوماتية - السوبر تخلف - السوبر مثالية. والثانية تضمنت ثلاثة كتب تحمل عناوين الميزياء – البينياء – الضيمياء
بالنسبة للسوبر حداثة حسب حسن عجمي / اللامحدد يحكم العالم، تقول السوبر حداثة ان الكون غير محدد لكن رغم ذلك من الممكن معرفته لان خلال لامحدودية الكون من الممكن تفسيره، مثل ذلك انه من غير المحدد اي نظرية علمية هي النظرية الصادقة، ولذا من الطبيعي ان توجد نظريات علمية عديدة كلها ناجحة رغم اختلافها وتعارضها. هكذا تفسر السوبر حدثة نجاح النظريات العلمية رغم الاختلاف فيما بينها. اما السوبر مستقبلية فتقول ان التاريخ يبدأ من المستقبل وبذلك لابد من تحليل المفاهيم من خلال مفهوم المستقبل ويعطينا الكاتب مثل ذلك تعريف الحقيقة على انها قرار عملي في المستقبل. وبما ان الحقيقة قرار عملي في المستقبل، إذن لابد من البحث الدائم عن الحقيقة وبذلك نظمن استمرارية البحث المعرفي، واستمرارية البحث فضيلة. بالاضافة الى ذلك تتفق السوبر اصولية مع السوبر مستقبلية حيث تعتبر ان الاصول المعرفية والدينية محدد فقط في المستقبل، وبذلك تحتاج الى تحديدنا الدائم لها مايحررنا من اعتبارها دائمة ومطلقة. اما بالنسبة الى السوبر اصولية، يقول الكاتب نحن من نصنع التراث بدلا من ان يصنعنا ما يضمن تحررنا من تراثنا من دون ان نلغيه. لكننا سوبر متخلفون لاننا نرفض العلم والمنطق ونستخدم العلوم من اجل التجهيل. ويعطينا مثل على ذلك ان معظم مدارسنا وجامعاتنا ووسائل اعلامنا تنشر الجهل والتعصب وكراهية الآخر.كما يتجسد السوبر تخلف في ان افعالنا وافكارنا ومشاعرنا محددة سلفا. والطريق الوحيد من سوبر تخلفنا كامن في قبول العلم والمنطق ومشاركة الحضارة في صياغة العلوم والافكار الجديدة ما يعدينا الى السوبر حداثة بأعتبارها علم الافكار الممكنة. ويؤشر بقوله نحن الأمة الوحيدة التي لاتعرف تراثها لأنها خالية من فكر جديد، فلا نحن أحياء لكي نموت، ولا نحن أموات لكي نبعث.(3)

وعلى ضوء السوبر حداثة التي تهدف الى بناء أفكار ممكنة يطرح الكاتب حسن عجمي فلسفات ومفاهيم جديدة ومنها الميزياء والبينياء والضيمياء،بينما الميزياء مشتقة من (الميزة)، والبينياء مشتقة من الظرف ( بين)، والضيمياء مشتقة من مصطلح (الضيم).

فالميزياء كما يشير الكاتب تعتبر ان لكل شيء ميزة تميزه وعلى اساس ميزته يتشكل ويكون. بالنسبة الى الميزياء، للاشياء ميزات بدلا من ماهيات؛فالميزة قابلة للتغير والتطور بينما الماهية ثابتة،مثل ذلك ميزة العقل كانت قائمة في الحفاظ على الجنس البشري من خلال تجنب الضرر والاقبال على المفيد لكن تغيرت ميزة العقل وتطورت وأصبحت كامنة في الحصول على المعرفة وان كانت غير مفيدة في حياتنا اليومية كالرياضيات المجردة.
اما البينياء فتدرس مابين الاشياء لان مابين الاشياء يبين الاشياء فمثلا يتكون العقل من بين أجزاء الدماغ من علاقات فصل ووصل، فكلما ازدادت الصلات بين الخلايا العصبية للدماغ ازدادت القدرات العقلية.

وبالنسبة للضيمياء هي ضرورة معرفية في إزالة الظلم الذي يقع على فكرنا والخروج من سجون مسلماتنا الجاهزة والتحرر من قيود يقنياتنا الكاذبة.
وبهذا قد برهن لنا الكاتب حسن عجمي مرة ثانية مقولته أن المثقف هو الحامل لمعلومات جديدة وليس عبدا لها وهو المتحرر من سجون الآخرين وأفكارهم وسلوكياتهم. (4)

وبذلك استطاع الكاتب ان يساهم بمد معرفي جديد يحرك الوعي المتيقظ بأفكار وسلوكيات منعطفاتها غير مسبوقة محققا إنسانيته ومحفزا فينا إنتظار طروحاته القادمة.

أخيرا نسأل:- هل سننتقل من عصر السوبر تخلف الى عصر السوبر حداثة ؟ أم سنفتتح عصر السوبر تخلف الفائق حيث التخلف وحده هو القيمة الأعلى ؟

 [1]

بقلم: رؤى البازركان

[1(1)،(4) - كتاب الضيمياء المؤلف حسن عجمي الدار العربية للعلوم ناشرون 2008

(2)،(3) – كتاب السوبر تخلف المؤلف حسن عجمي الدار العربية للعلوم ناشرون 2007


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى