الخميس ٥ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم نورالدين فريش

الروح الطاهرة

..أغمضت عيناها لثوان، ورسمت ابتسامة خفيفة بعدما إستعادت ذكريات حب فاحت نسائمه على حبيب ذبح قلبها بأداة حادة حينما إختار "حضن الغريب" وخانها بعد ما وهبته حياتها بدون أدنى قيود ، بل تحدت العالم أجله ثم أدركت أن كل شيء إنتهى و دفن في أرشيف مخيلتها إلى الأبد...

كانت سعاد إنسانة معروفة بقلبها النقي، وسماحتها التي تتعدى الحدود، لكن في لحظة ألمها قررت، قتل قلبها فقفلته ورمت المفاتيح في قعر البحر، حتى يصعب على أي أحد زعزعة إحساسها أو التربع على عرش قلبها، ثم فكرت قليلا وأقسمت على أن دموعها لن تذهب مهب الريح ...

في هذه اللحظة رفعت شعار التنكر للمبادئ والتمرد على الواقع الذي نبذها، فمن ضحت من أجله بأزهى أيام شبابها تنكر لها، فظنت أن كل الرجال سواسية فأرادت الإنتقام لتشفي غليلها منهم...

بدأت سعاد ترمي بشباكها، لعلها توقع من يكون كبش فداء حتى تضيقه مرارة ما ذاقته في حياتها، لترصد شباكها
أول ضحية ، وهو سعيد الشاب الوسيم المألوف لدى أبناء الحي الذي تقطنه بعزلته عن محيطه الخارجي، و من تم باشرت بتطبيق خطتها، خطوة بخطوة من أجل الوصول إلى قلبه في أسرع الآجال، لكنه كان يصد ها في كل لحظة تحاول فيها التقرب منه. فألحت أكثر حتى استسلم وأخيرا وقع الطائر في المصيدة، دخل قفصا تأكدت صديقتنا من أنه مقفول بإحكام والخروج منه يعني الجراح ثم الجراح ...الجراح لأنها أذابت قلبه الطيب، بكلمات الغرام الرقيقة التي كان في أمس الحاجة إليها و هوالذي فقد والديه في سن صغيرة، وبذلك إفتقد للحب والحنان والعطف...

أما الآن فقد حان وقت تطبيق الجزء الثاني من الخطة والابتعاد، فقالت صديقتنا للحبيب بأن كل كلمات الحب التي قالتها له كانت مزيفة فلا وجود للحب في حياتها، بل إنه شيء إندثرلتحل مكانه الكراهية للجنس الخشن، فسالت الدموع من عيون سعيد من شدة حزنه وخيبة أمله ،مما أصابها بالذهول، فعلمت أثنائهاأن قلوب الرجال قد تبكي جراء الحب أو من شدة الألم...

فتذكرت سعاد دموعها التي تحولت إلى قنبله بشرية مكونة من الكراهية و الحقد، لكن عندما نظرت في عيني صديقنا وجدت دموع البراءة والصدق وتأكدت أن قلبه طاهر، فتهاطلت الدموع من عينيها وإنكسرت مرة ثانية .أهو الحب يا ترى ؟؟ وخوفا من الضعف أمام سعيد، ذهبت مسرعة فتبعها ليستفسر عن الأسباب الكامنة وراء تصرفاتها، وبينما ستقطع الطريق كادت إحدى السيارات أن تصدمها، وبشهامة لامثيل، تدخل سعيد مضحيا بحياته لإنقادها وبعدما أبعد عنها الخطر صدمته السيارة ونزف كثيرا، ليتم نقله للمستعجلات الشيء الذي فاجئ سعاد فكيف لشخص أن يجازف بحياته من أجلها و...؟؟...

علمت حينها أن الحب هو من يصنع المعجزات فنظرت إلى أصابع يديها وتذكرت مقولة والدتها التي تقول "إذا كانت الأصابع لا تتشابه فكيف للبشر أن يكونوا متشابهين" و من ثم أدركت أن الله إنما خلق عباده، وفيهم الصالح و الفاسد لكن القلوب الطيبة أكثر من غيرها...

فذهبت بسرعة إلى المستشفى للإطمئنان عن الشاب لتجده بحاجة إلى الدم و لحسن الحظ لديها نفس فصيلة دمه ثم أنقذته من موت محتم ...
وبعد أن إطمئنت على حالته وتجاوز الخطر، غادرت إلى البيت مدركة أن ما فعلته بالمسكين حتما سيجعله يكرهها من صميم قلبه...

مرت الأيام وتعافى سعيد جزئيا ووجد نفسه غير قادر على نسيان تلك الإنسانة ،التي أعادت له البسمة من جديد فحنينه إلى إبتسامتها الساحرة وعينيهاالبريئتين،جعله يبحت عنها في كل الأماكن.... وفي الجهة الأخرى كانت سعاد تتعذب، وتعاني من تأنيب الضمير لكن فرج الله كان قريبا،إذ سمعت أحد ا يطرق الباب ، فلما فتحت ذهلت ولم تصدق عيناها ما رأت إنه سعيد فتكلمت بينهما لغة الأعين بعد ما عجز اللسان عن الكلام، فأخذ صاحبنا المبادرة و قال: سعاد أنا إبن اليوم لقد ولدت من جديد لا أريد أن أعرف ما ضيك، وسامحتك من كل قلبي ...فهل ترضين بي زوجا لك فحياتي لن تساوي شيئا من دونك...

ودون أن تدري وجدت نفسها ترتمي في حضنه وتقول أنا أحبك و سأظل أحبك سامحني...فما أجمل نعمة الحب و ما أصعب لحظة قتله في القلوب.


مشاركة منتدى

  • أنا قرأت هذه القصة و ان لم اقل الرسالة لانها رسالة الى كل من تالم قلبه و اغلق عليه لكي لا يفع في الحب مرة ثانية شكرا أستاذ نور الدين على هذه القصة و متمنياتي لك بالتوفيق و الاستمرار

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى