الجمعة ١٣ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم سعداء الدعاس

الكاتبة الشيخة.. الشاعر الشيخ

"الكاتبة الشيخة بسمة الصباح تصدر ديوانها الثاني"

تساءلت وأنا أقرأ هذا الخبر: هل نحن بصدد شيخة تصدر ديوانـًا، أم شاعرة تصدر ديوانـًا؟

منذ مراهقتي وأنا أكرر السؤال ذاته بصيغ عدة كلما قرأت قصيدة للشاعر بدر بن عبدالمحسن، خالد الفيصل، أو دعيج الخليفة، مذيلة بتعليق عن (الأمير/الشيخ) لا الشاعر.

راودني السؤال ذاته عندما اطلعت على الورقة التي أعدتها الدكتورة (آسية البوعلي) ضمن ندوة الرواية النسوية الخليجية، حيث عرجت (البوعلي) على ذكر روايتين للكاتبة العمانية (غالية بنت آل سعيد) مستعينة بلقب (احبة السمو)..عوضًا عن (الروائية ) فعاد السؤال يلح من جديد:

إلى أي مدى يساهم اللقب الاجتماعي في تشكيل تصوراتنا الفكرية عن منجز أدبي / فني ما؟ وهل يعنينا كقراء أن تكون (غالية) صاحبة السمو، أو (بسمة) شيخة، أو (الفيصل) أميرًا؟ هل سيؤثر ذلك على مستوى التلقي لمنجزهم، أيا كان؟
اللافت للنظر أن الآخرين هم من يتصدوا – غالبا- لتذكيرنا بهذه الألقاب، أعني هنا معظم صفحات الشعر، وبعض الصفحات الثقافية، النقاد، وأحيانا القراء، وفي هذه الحال لا يمكن أن يُؤخذ المبدع بجريرة الآخر، فالدكتورة سعاد الصباح – على سبيل المثال - اكتفت بلقبها العلمي، وبسمة تناست لقبها (المتوارث) على غلاف ديوانها، وفي مقالاتها ومشاركاتها الإلكترونية، وهكذا بالنسبة لكتابات دعيج الخليفة التي يذيلها باسمه فقط، وبالمثل يتعامل معظم أبناء الأسر الحاكمة في الخليج من الشعراء والكتاب، حيث يؤكدون على تقديم أنفسهم من خلال ابداعهم فقط، ربما لعلمهم بما قد يجره عليهم اللقب من محاباة ونفاق، مما ألزم أحد الشعراء (الشيوخ) الاستعانة باسم مستعار لسنوات طويلة، لضمان صدق تلقي نتاجه الشعري بعيدًا عن المتسلقين والآفاقين.

التعامل مع الكاتب من منطلق اللقب الإجتماعي، لن يضيف إليه بقدر ما يخلق حاجزا بينه وبين الآخر، وقد لا يكتفي هذا الحاجز بعزل المنجز عن قارئه، بل قد يطال القراءات النقدية التي تكتب عنه، صانعًا حاجزًا آخرًا بينه وبين المتلقي -مهما تميز بالموضوعية – فأي مصداقية تلك التي تتخفى بين ثنايا دراسة / قراءة لمنجز (ملكي)، محملة بمقدمات تحمي مكانة الطرف الآخر.

الشيخ، الأمير، صاحب السمو، طويل العمر.. يسكن كل منهم انسان مجرد، قرر التعبير عن نفسه بوسائل يدرك قيمتها، مؤمنا أن ذكراه سيخلدها الأثر الابداعي لا اللقب المتوارث.

فشكرا لكل من تطرق لنتاجهم متناسيًا انتماءهم (الاجتماعي)، علّ غيرهم يدرك أن الكتابة (دون ألقاب) عن نتاج أبناء الأسر الحاكمة، لا يعد جريمة في نظر القانون.


بوح أخير:
شخصيا لا أحفظ أسماء أفراد الأسر الحاكمة الخليجية على الاطلاق، عدا الحاكم ورئيس الحكومة في أحسن الأحوال، وبعض الأسماء الراحلة المؤثرة تاريخيًا، لكني في المقابل أذكر كل مبدع منهم قرر ارتياد بوابة الابداع، حتى وإن اختلفت مع نتاجه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى