الأربعاء ٢٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
بقلم زكية خيرهم

السيرة الذاتية حول هنريك ابسن

للكاتب: ستاين ايريك لوند

ولد ستاين أيريك لوند 1953. درس مهنة التدريس ثم دخل إلى عالم الكتابة سنة 1982. عاش سنوات عديدة في منطقة باروم في ضواحي مدينة اسلو وعاش سنوات عديدة في مدينة تونسبارغ بقيستفولد. حصل على الماجيستير من جامعة اسلو. ظل يعمل مدرسا منذ 1980. اول رواية كتبها ستاين ايريك، بعنوان " لا شيء يهتز" رزواية بوليسية بالتعاون مع الكاتب (هارالد شونسبترغ). صدر كتاب له للشباب سنة 1997. بعدها ألف 12 كتاب أغلبها للأطفال وللشباب. كما كتب مسرحية ونصوصا غنائية للعديد من الفنانين النرويجيين. وترجم أيضا العديد من النصوص الغنائية للمغني (بوب ديلان) إلى اللغة النرويجية. يعمل مديرا ومستشارا لأب الطفل والشباب.

كتب ستاين ايريك لوند سيرة ذاتية للكاتب العالمي النرويجي (هنريك ابسن). سيرة فريدة من نوعها، مبسطة غير معقدة للاطفال بالتحديد. والهدف منها هو اطلاع الاطفال على هذا الكاتب العالمي منذ طفولتهم. استعمل الكاتب ايريك لوند اسلوبا سلسا وعرض بايجاز شيق مسرحيات هنريك ابسن وحياته وما صادف من معاناة في وطنه النرويج. ثم المراحل التي مر عليها إلى أن وصل إلى شهرته العالمية.

مقدمة واسعة الاطلاع عن حياة هنريك ابسن

ما يلاحظه القارئ في بداية السيرة الذاتية، هو الاسلوي الشيق، البسيط والنزيه عن حياة الكاتب، وذلك لتسهيل الاستيعاب وفهم شخصية هذا الكاتب العالمي الذي يعتبر جزءا من الثراث النرويجي. ركز ستاين ايريك عن اهم مسرحيات ايسن والتي هي في الاصل معقدة محاولا التبسيط في عرض نماذج من مسرحيات ابسن وتاريخ هذه الشخصية التي ابدعت في عالم المسرح. كتابات تعكس حياة الافراد اليومية والازمات التي يمرون منها، متخدا المجتمع ومتطلباته وما يفرضه من قيود آنذاك في اطار لخلق مسرحياته. مركزا على اعماله الدرامية أكثر من تسليط الضوء عن حياته الشخصية.

أن تضيء شمعة صغيرة خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام

كل ما كان يكتبه ابسن كان مرتبطا بما شاهده في حياته من تجارب أو خاضها شخصيا. فكان يقدم ابداعه عن طريق قصيدة شعرية أو مسرحية تحمل تحيت طياتها بعد فكري يسعى الى تنوير الانسان وتحرره والارتقاء بنفسه. كان يركز في كل كتاباته المسرحية ان الانسان يتحمل مسؤولية كل ما يجري في المجتمع الذي يتنمي اليه. فصور من خلال مسرحياته غربة الانسان بين اهله وفي مجتمعه. كما شخص صورة التزمت الذي كان يكبل المجتمع النرويجي ويكبح الفرد من الانطلاق الى الحرية. من خلال ما كتب كان يشخص الضغوط الاجتماعية التي كانت وبالا عن الافراد في المجتمع. الصراع بين الحرية والرجعية، بين الحديث والقديم. بين الضمير الانساني وانعدام الضمير. صراع القوي على الضعيف. صراعات فردية واجتماعية تحت ظل الموروثات القديمة والبالية التي تحد من حرية الفرد وتجعله سجين الموروثات التي لا يستطيع الخروج عن اطارها وإلا أصبح عاقا للمجتمع ومنبوذا.

هيلمر: أنت زوجة وأم لأطفال قبل أي شيء آخر.
نورا: لم أعد أؤشمن بذلك، أو على الأقل هذا ما يجب أن أسعى إليه. صحيح يا تورفالد أن معظم الناس قد يتفقون معك، هذه الآراء تحتشد بها صفحات الكتب. أريد أن أزن الأشياء بوحي من فكري أنا. لا من فكر الغير وأن أرقى ألى مرتبة الفهم والادراك.
هيلمر: أنني مستعد أن أواصل العمل ليل نهار بوجه باسم. وأن أتقبل الألم والفاقة بصدر رحب. من أجلك يا نورا. ولكن ما من رجل يقبل التضحية بشرفه في سبيل المرأة التي يحب.
نورا: آلاف من النساء أقدمن على التضحية.
هيلمر: أنك تفكرين وتتكلمين كطفلة لم يكتمل نموها.
(بيت الدمية الفصل الثالث).

كان ابسن واعيا على ماكان يسري عليه مجتمعه. وقدم من خلال نصوصه ما يحمل تغييرا نحو التجديد والمغايرة. دخل من خلال نصوصه إلى المحظور في تلك الفترة. في مسرحية "أشباح" بقدر ما كتبتب بطريقة بسيطة بقدر ما كانت قوية، رجت المجتمع السكندنافي ولاقت منه رفضا تاما لعرضها على خشبت المسرح ولم تظهر لأول مرة إلا في شيكاجو 1882. تكشف المسرحية الزيف والتناقض الذي يتحجب به ضمير المجتمع تحت ذريعة الدين. في مسرحية "اشباح" ينتقد ابسن المجتمع و القس الذي يعتبر رجل الدين. هذا الأخير الذي يتهم الزوجة بالاثم وأنها اقترفت ما لا ينبغي اقترافع اتجاه زوجها الذي كان يراه القس مخلصا بينما هي كانت ترى زوجها عربيدا لا اخلاقيا، كما أنه أقام علاقة لا شرعية مع الخادمة وانجب منها طفلة. أرادت المرأة أن تبعد ابنها عن الفساد الذي يعم البيت، لكنه سيرجع إلى البيت بعد أن أصبح عمره 25 سالكا سلوك ابيه، حاملا في جسده مرضا مميتا. كما أنه كان يريد أن يقوم بعلاقة عاطفية مع ريجينا التي لا يعرف أنها أخته من ابيه.

هيلينا: الحقيقة هي ان زوجي كان فاسقا عندما مات تماما كما كان طوال حياته.
القس ماندورز: ماذا تعنين بهذا الكلام؟
هيلينا: لقد ظل فاسقا في شهواته بعد تسعة عشرة عاما من الحياة الزوجية كما كان عندما عقدت قراننا.
القس ماندورز: أتسمين اندفاعات الشباب تلك، وتلك الهفوات... سميها ان شئت تجاوزات... أتسمينها حياة فاسقة؟
هيلينا: هذا هو التعبير الذي استخدمه طبيبنا.
مسرحية اشباح الفصل الأول.

في المجتمع الغربي التي تطغى عليها النزعة الفردية، تكون فيه انماط الحياة معقدة وهذا ما كان سائدا في المجتمع الغربي المتزمت والخاضعة لحكم الدين تجعل الفرد يقف امام خيار معقد. ان الشخص الذي يختار الحرية من اجل تحقيق تطوره عادة ما يعتبر اسرته بل محيطه الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من هذه العملية. انطلاق الحرية كان جليا بعد اندلاع الثورة الفرنسية تحت شعار " الموت أهون من العبودية" أن على المرء ان يختار حياته. لكن يبقى الفرد جزءا من جزءا من الاسرة والعشيرة، كما ان له واجبات في المجتمع. إذ يصبح اختيار الفرد للحرية مكلفا للمقربين اليه، وبالنتيجة السعادة لا يمكن للباحث عن تحقيقها بالسعي وراء حريته.

هيدا: نعم أنني اخضع لسلطانك، سيدي القاضي. من هذه اللحظة انا تحت رحمتك.
براك: عزيزتي هيدا، ثقي في فإنني لن أسيء استغلال مركزي.
هيدا: أنني خاضعة لسلطانك على الرغم من ذلك. رهن ارادتك وعند طلبك. إنني سجينة، سجينة أليس هو الواقع، لم أحتمل هذه الفكرة! لا البتة!

مسرحية (هيدا جابلر) الفصل الرابع

فعلا تستطيع احتجازي هنا! لديك السلطة والامكانية! وإنك تنوي ذلك أيضا! ولكن ذهني، وكل افكاري وكل امال روحي ورغباتها، كل هذا ليس في وسعك كبته! كلها سوف تواصل الدفعة والتحليق، نحو المجهول الذي خلقت من اجله والذي حرمتني منه.

مسرحية (سيدة البحر) الفصل الخامس.

أستطاع الكاتب ستاين ايرك لوند في هذه هذه السيرة الذاتية لهنريك ابسن أن يسرد لنا وبإيجاز مشوق عن أحداث المسرحيات. موضحا رسالة هنريك لمجتمعه حيث أنه لم يترك معضلة اجتماعية إلا وتحدث عنها. ويكفي أنه كان أحدى شرائح المجتمع التي كان هو ايضا ضحيتها في سن طفولته.
رسالة ابسن ليس فقط لمجتمعه بل للعالم كله. ان حياة الطفل بين ايدي البالغين في حين يكمن مستقبلنا المشترك على ايدي اطفالنا شباب الغد. لذلك يتحتم التفرغ للطفل ومنحه من الوقت والرعاية وحفزهم وارشادهم في مراحل نموهم. في مسرحية " البطة البرية" وايلوف الصغير" تظهر النتائح الوخيمة التي ترجع على الناس بالوبال والالم لعدم مراعاتهم لاطفالهم. وحين يكون الآباء مركزين فقط على ذاتهم ومشاكلهم مهملين رغبات أطفالهم ومتطالباتهم.

الميرز: هل كانت هذه عين السوء التي تنظر إليك من أعماق المياه؟
ريتا: الفريد!
ألميرز: أجيبي هل ألقى عليك الطفل عين السوء؟
ريتا: ألفريد!
ألميرز: لقد أصابنا الآن، ما كنت تتمنينه ريتا.
ريتا: أنا؟ ماذا كنت أتمناه؟
ألميرز: حسنا من الآن فصاعدا، لم يعد بيننا.
ريتا: ربما الآن أكثر من ذي قبل. آه يا لها من صورة رهيبة.
مسرحية (ايلوف الصغير) الفصل الثاني.

يقول "ستاين إيريك" في مقدمة هذه السيرة الذاتية. لا يمكن للمرء أن يقرأ أو يشاهد مسرحية ابسن لمجرد المتعة. كتابات ابسن تضع الأصبع دائما على جوانب بدواخلنا التي ربما لا نحبها أو لا نريد الإعتراف أنها فينا. لذلك دائما يكون مؤلما التعرّف على ابسن. ولكن إن نجرؤ على الخوض فيما يريد ابسن أن يقول لنا، فإننا من الممكن أن نتعلم شيئا منه.

للكاتب: ستاين ايريك لوند

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى