الاثنين ١١ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم نوري الوائلي

الخريف

خَرِيفُ العُمْرِ قَدْ نَحَرَ الشَّبَابَا
وَعَابَ الحُسْنَ وَابْتَدَاء الخَرَابَا
عليل جِسْمُهُ وَالقَلْبُ بَالٍ
وَفِكْرٌ ظَامِئٌ نَطَرَ السَّرَابَا
خَرِيفٌ قَدْ حَوَى عَجْزًا وَذُلاًّ
وَأَيَّامًا غَدَتْ عَجَلاً ضَبَابَا
فَبَاتَ الجِسْمُ لِلأَمْرَاضِ طُعْمًا
كَكَبْشٍ لَحْمُهُ أَغْرَى الذِّئَابَا
تُهَاجِمُهُ دُجًى مِنْ كُلِّ صَوْبٍ
وَقَدْ غَسَلَ اللُّعَابُ لَهَا الشِّعَابَا
أَتَانَا بِالمَوَاجِعِ كَانَ جَذْوًا
يُجَرَّعُ سَاهِيًا عَنْهُ العَذَابَا
أَتَانَا مُنْذِرًا وَالمَوْتُ مَدٌّ
عَلا الأَجْسَادَ وَهْنًا وَالْتِهَابَا
فَبَاتَ مُخَاطِبًا هَلْ مِنْ حَكِيمٍ
لَهُ لُبٌّ فَيَغْتَنِمَ الشَّبَابَا
وَلَكِنَّ الشَّبَابَ رَهِينُ نَفْسٍ
تُقَلِّبُهَا الأَمَانِي لا عُجَابَا
تَرَاهُمْ لِلحَيَاةِ كَمَنْ أَنَاخُوا
رِقَابَ الذُّلِّ لَهْوًا وَاصْطِحَابَا
فَيَبْنُونَ الحَيَاةَ بِكُلِّ حَدْبٍ
مِنَ الأَحْلامِ مَا يَعلوالسحَابَا
فَلَوعَرَفُوا خَرِيفَ العُمْرِ صِدْقًا
لأَجْرُوا الدَّمْعَ خَوْفًا وَارْتِقَابَا
وَلَوعَلِمُوا بِأَنَّ العُمْرَ وَمْضٌ
لَمَا تَرَكُوا الفَرَائِضَ وَالثَّوَابَا
وَصَارُوا لِلزَّمَانِ غَمَامَ خَيرٍ
وَقَامُوا بَعْدَ كَبْوَتِهِمْ غِلابَا
وَلَوسَمِعَ الشَّبَابُ أَنِينَ كَهْلٍ
لَعَاشُوا فِي الشَّبَابِ كَمَنْ أَشَابَا
حَمَلْتُ حَقَائِبًا مُلِئَتْ دَوَاءً
لآلامٍ فَأَعْجَزَتِ الطِّبَابَا
فَبَاتَ اليَوْمُ تِلْواليَوْمِ يَمْضِي
مَوَاعِيدًا لِطِبٍّ قَدْ أَخَابَا
فَلا أَكْلٌ بِهِ ذَوْقٌ وَطَعْمٌ
وَلا نَوْمٌ مَعَ الأَهْلِ اسْتَطَابَا
وَلا أَهْلٌ تُكَفْكِفُ عَنْ دُمُوعٍ
وَلا رِحْمٌ لآهَاتٍ أَجَابَا
فَلَمْ يَنْفَعْ مَعَ الخِلاَّنِ عَطْفٌ
وَلا مَالٌ وَإِنْ تُكْثِرْ عِتَابَا
قَلِيلٌ بَاتَ مَنْ يَحْيَا بِعَزْمٍ
كَمَنْ خَبَرَ الشَّدَائِدَ وَالحِسَابَا
وَلَكِنَّ الكَثِيرَ يَعِيشُ يَأْسًا
وَيَقْطَعُ مِنْ مَزَارِعِهِ الشَّرَابَا
وَإِنْ زَادُوا عَلَى السِّتِّينَ عَامًا
يَعِيشُ جُلَّهُم فَزِعًا كِآبَا
فَقَدْ يَحْيَا الشَّبَابُ خَرِيفَ عُمْرٍ
إِذَا عَجَزُوا وَلَمْ يَعْلُوا الصِّعَابَا
وَيَحْيَا كَالشَّبَابِ كَبِيرُ سِنٍّ
إِذَا رَكِبَ العَزَائِمَ وَالمَهَابَا
فَلا تَجْعَلْ مِنَ السَّبْعِينَ عَامًا
سُيُوفًا تَرْتَوِي تَعْلُوالرِّقَابَا
وَعِشْ عُمْرَ الخَرِيفِ شَبَابَ قَلْبٍ
وَكُنْ فِيهِ كَمَنْ أَحْيَا الهِضَابَا
فَيَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ وَطْرًا
لأَجْعَلَ مِنْ ثَوَانِيهِ العُجَابَا
وَأُمْسِكَ بِالأَظَافِرِ وَالثَّنَايَا
جَلابِيبَ الشَّبَابِ إِذَا اسْتَجَابَا
وَلَكِنَّ الشَّبَابَ إِذَا تَوَارَى
فَلَنْ يُرْجَى لَهُ يَوْمًا مَآبَا
فَيَا لَيْتَ الشَّبَابَ وَهُمْ شَبَابٌ
يَعِيشُونَ التَّعَقُّلَ وَالصَّوَابَا
فَخَيْرُ النَّاسِ شُبَّانٌ تُصَلِّي
صَلاةَ الفَجْرِ شَوْقًا وَاحْتِسَابَا
وَخَيْرُ الزَّادِ فِي الدُّنْيَا صَلاةٌ
لِشُبَّانٍ وَهُمْ رَهَبُوا العِقَابَا
فَفِي الدُّنْيَا شَيَاطِينٌ وَلَهْو
وَلَذَّاتٌ حَوَتْ شَهْدًا وَصَابَا
فَيَنْسَى النَّائِمُونَ عَلَى حَرِيرٍ
بِأَنَّ مَصِيرَهُمْ يَبْقَى التُّرَابَا
وَأَنَّ إِلَى السَّعِيدِ عَظِيمَ حَظٍّ
إِذَا حَسُنَ العِبَادَةَ وَالصِّحَابَا
وَأَفْنَى عُمْرَهُ عِلْمًا وَفِعْلاً
وَإيمَانًا وَصَبْرًا وَاحْتِجَابَا
سَيَنْجُووَالجِنَانُ لَهُ مَآبٌ
إِذَا جَعَلَ الصَّلاحَ لَهُ رِكَابَا
وَأَنْ يَمْضِي الشَّبَابُ بِنُورِ هَدْيٍ
وَأَنْ يَجْعَل مِنَ التَّقْوَى نِصَابَا
وَأْلَجَمَ صَابِرًا بِالصَّبْرِ نَفْسًا
عَنِ اللَّذَّاتِ أَوفِعْلِ المُعَابا
وَيَخْتِمُ مُحْسِنًا إِنْ عَاشَ كَهْلاً
وَقَدْ أَعْمَى العُيُونَ بِهِ وَتَابَا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى