الجمعة ١٥ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم أحمد الخميسي

(محمد الفضالي) كاتب ومبدع جديد

لم ينشر محمد الفضالي الكاتب الشاب حرفا واحدا مما كتب بعد. ربما لأنه يعيش في الإسكندرية بعيدا عن دوائر النشر، أو لأنه لا يتعجل النشر مقدرا أن عليه أن يسيطر على أدواته الأدبية.

يكتب الفضالي ما يسمى بالقصة القصيرة جدا، وكان من أشهر نماذجها قصة الكاتب الجواتيمالي أوجستو مونتروسو التي لم تزد عن نصف سطر: (حين استيقظت كان الديناصور مايزال هناك ). ولا أريد أن أحول المقال إلي بحث في ماهية ذلك النوع السردي، وجذوره، أريد فقط أن أقول إن معظم تلك القصص تسجل عندي شخصيا فشلا فنيا واضحا، ذلك أن صفتها الأساسية وهي التكثيف الشديد يحيل الشخصية الإنسانية فيها، وحتى الموضوع إلي طيف بارد، فلا يتبقى من العمل سوى ومضة ذهنية تعتمد في الأغلب على مفارقة صارخة. لكن هناك حالات نادرة ينجح فيها هذا الشكل المكثف في غزو القلب والعقل كأي قصة، منها بالطبع ما كتبه من قبل وما يكتبه الرائع محمد المخزنجي. وأعتقد أن ما يكتبه الكاتب الشاب محمد الفضالي في هذا المجال يستحق الانتباه والدعم. أكتفي هنا بإفساح المجال لبعض قصص الفضالي، المكثفة، التي لم تر النور لأنني أعلم أنه لن يتمكن بسهولة من نشرها، لعل أبواب الدوائر الأدبية أن تنفتح له.

وسأبدأ بقصته المسماة: - (معضلة) – (لم تجلس الان منكس الرأس؟ ألم تشك دائما من صعوبة الحال وكثرة المصاريف؟ ألم تلعن حظك الذى جعلك خفيرا ليليا على مخازن لدي الشركات الحكوميه؟ وعندما مرض إبنك عبد الفتاح وبحثت عن أى مصدر إضافى للدخل ألم تكن أنت من استمع الى رمضان أمين المخازن عندما أخبرك عن وجود طريقه سهله ومضمونه لكسب النقود؟. ألم تعالج ابنك في النهاية؟؟).

القصة الثانية بعنوان: (اهتمامات) وهي كالتالي: (تعارفا صدفة فى الأيام الأولى للجامعة، وقبيل انتهاء السنه الأولى كانا قد وصلا إلى درجة العشق.كان شعور كل منهما أن الآخر متمم له يكفيهما. لم يحاول أحدهما تغيير شئ فى الآخر. فى السنه الثالثه اتفقا على عدم اكتمال شخصيتهما الموحدة ولذلك فضا التحامهما فى انسيابية. كان يفضل الشعر على النثر بعكسها، فبدأ فى الاهتمام بالنثر للإحتفاظ بذكراها. وكانت تحب الآيس كريم بالفراوله بينما كان يفضله بالشيكولاته، فبدأت فى المزج بينهما للإبقاء عليه معها

.كان يستمع لفيروز وأحبت هى أم كلثوم، فكان يستمع لفيروز فى الصباح وأم كلثوم فى المساء ليشعر بإنسانيته، وكانت تحب الغروب وكان يفضل الشروق عليه، فكانت تشاهدهما كلما استطاعت. وبعد السنه الرابعة تركت هى الاهتمام بالشعر، وترك هو المزج بين الفراولة والشيكولاته , ولم تعد تستمع لفيروز إلا لماماً، ولم يعد يحاول مشاهدة الشروق أو الغروب.)

الآن إلي القصة الثالثة والأخيرة للفضالي بعنوان " آدم ":" أقف أمامها مأخوذا، أتفحص تضاريسها بكل دقه. إن كانت نموذجا لما أخرج آدم من الجنة فنعم ما فعل. ألتف حولها غير مصدق لما أراه، قوى الطبيعه كلها تتجسد أمامى بإستكانة تامه،ولكن بشموخ واعتزاز وادراك للمقدره والامكانيات. أقترب منها بوجهى لأتحسس رائحتها وملمسها، جل ما استطعته حتى الآن تعريتها مما كان يسترها لكنى لم أتجاوز ذلك، لم أجرؤ على لمسها بيدى حتى الآن ولم تحاول هى فعل أي شئ.. ماذا يمكنها أن تفعل أصلاً؟! أخلع ملابسي دون ان أحول نظرى عنها، لا يجب أن تفوتنى أية تفاصيل.

يسقط من جيب السروال جنيهان فضيان هما كل ما تبقى لى بعد ما أنفقته على اصطحابها إلى منزلى. أتجاهل سقوطهما تماما وأنا اتأمل الانحناءات اللامعه فى ذلك الجسد المشع، يجب ألا أنتهى منها بسرعه يجب أن أستمر أطول وقت ممكن أستطيع خلاله ان اشعر بكل ما أتمنى، أريد أن أحس بآدميتى، وشهوانيتى، وتوحشى، ربما يجب أن أبقيها معى ليوم آخر فقد ناضلت من أجل شرائها ".

وصلتني قصص محمد الفضالي على الإيميل، لكنني لم ألتق به، وما أريده بنشر هذه القصص وما أتمناه أن أن يواصل محمد الفضالي الكتابة، والإبداع، وأن يعكف على أدواته، لأن قصصه القصيرة جدا تحمل كل عناصر الكتابة الحقيقية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى