الاثنين ٢٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩

الرأي السديد بين الحداثة والتقليد

بقلم: تحسين عباس

كثيراً ما كتب الكتاب من النقاد وغيرهم عن أساليب الحداثة ونبذِ أساليب

التقليد فكلهم لهم رأيهم الخاص الذي استنبطوه من مفاهيمهم النقدية في الأدب والفن فلو إننا عرَّ فنا الحداثة بأنها: تحديث التعبير في الأسلوب الأدبي والفني لوصلنا إلى نتيجة وسطى وفضَّ النزاعُ القائم بين الشعر التقليدي والشعر المنثور والرسم التقليدي والرسم التجريدي والمسرح القديم والمسرح الحديث على اختلاف ما تعارفت عليه المصطلحات فالحداثة ليس هي الخروج من المألوف بغية الشهرة بالاختلاف بحجة غرابة الفكرة وشدة الجنون فللغرابة والجنون في الأدب والفن ضوابط يجب الانصياع لها؛ منها وجود تفسير لهما على مسرح الواقع ومطابقتهما للأسس العلمية وإذا ابتكرت أسس أخرى يجب الإتيان بالعلة الفنية كي تعتمد رسميا.

فلو سألنا سؤالاً لماذا نالت الشيخوخة من شعر التفعيلةُ لكان الجواب الأمثل إن شعراءهُ ماعادوا فرسانه إلا ثلة ً قليلة أي لو أننا حدَّثنا تعابيرهُ الصورية بما يتلائم مع حداثة الخيال والمفردات لكان عملاقاً في الساحة الأدبية وهذا لايعني إننا ننكر استحقاق الشاعرية المنثورة ولو انَّ بعض المشجعين عليه احتجوا بابتكاره على انَّ الشعر كان تفعيلة بالعمودي أو الحر عندما يترجم لا يترجم بأوزانه وهذه ليست حجة لأنها تنطبق على النثر والقصة والخطابة والشعر الشعبي

فالسبب الأوحد والمنطقي لابتكار هذا اللون هو
ان الغرض من الأدب والفن بشكل عام هو إيصال الكلمة الطيبة المُصاغة بعطور البلاغة إلى المتلقي للاستفادة منها في تصحيح الفكر الاجتماعي والعقائدي والى أخره من احتياجات الحياة ، فالشعر المنثور والرسم التجريدي والمسرح الحديث مادام يحدث أثرا ايجابياً في النفس البشرية إذن بلغنا الغاية َ وحققنا المراد في تصحيح الخطأ واثبات الصواب فالحداثة في جميع الأساليب هي مطلب الأدب والفن وان أخر ما توصلت إليه الحداثة هو الغرابة في الفكرة مع إمكانية الجمع بين الأساليب مصاحبة ً بموسيقى الحروف أو مايسمى بالتجانس اللفظي الذي اكتشف آنفا من تذوق الموسيقى الباطنية الناتجة من تجانس الحروف في الآيات القرآنية وأول الآيات التي دلتهم لذلك (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) وبعدها

تابعوا الآيات التي دلت على الترغيب وما لها من موسيقى رقيقة على عكس الآيات التي دلت على الترهيب التي امتلكت موسيقى صاخبة توحي بالخوف الباطني؛ فلاحظوا يا إخوتي الأدباء إن لدينا تراثاً أدبيا لم نستفدْ منه واستفادَ منه غيرنا وبدأ يصدِّرهُ لنا فكفانا مغالطة ً للحقيقة ومجاراةً للنفس الأمارة.

بقلم: تحسين عباس

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى