الاثنين ٢٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩
بقلم أمجد الشعشاعي

أَذْكُرُ الصَّمْتَ جَمَّنِي

لحظاتٌ عِدة.. أرقب فيها نفسي لأدرك كم كنت أحـ... وكم كنت سا...، أنا لستُ أعبث بذكرياتي، ولست أعيد الشريط كلما انتهى!.. مُؤنِّباً نفسي ومعذِّبها، ولكني أذكرها كثيراً.. تلك اللحظات، حينما جمَّني الصمت!

كنت منتصباً ومن خلفي الأسوار، في وقفتي تحدٍّ للعواصف، هي.. ركضت نحوي وعانقتني.. أنا لم أتحرك.. وابعتدت.. ونظرتْ إليَّ.. وكأني أقول (لِمَ) ولم أقلْ إذ جَمَّني الصمت!

وهذا الأبُ.. الذي كلما نظرتُ لعينيه.. قَبَّلتُهما، أشاح بوجهه – مُرغماً - عني حين تلاقى خدّه بشفتَي.. كأنما انقشع النور عني أبداً.. أَحينَ دمعت عيناه في تلك اللحظة الطويلةِ تَمَلَّت روحي.. عني.. مُرغمةً؟

يومَ قالت لي (يا بُنَيَّ لِمَ أنتِ عاص؟).. كأنما اجْتزأ الهواء صدري.. فكان رماداً أمامي.. تلك الانقباضةُ التي تجتزءُ داخل الصدر.. تلك الانقباضة.. تلك الانقباضة.

وساعةَ كنتُ مُرهقاً ككهلٍ حُمِّلَ جبلاً فوق جبلِ أحماله.. فصرتُ أعوي وأعوي ولَمْلَمَني أحدهم إلى صدره.. ثم ذَهَبَ ولم يسألني (ماذا بِكْ).

بُرَهُ هذا الأسبوع العجيب الذي قضيتُهُ بعيداً عني كأنني لستُ أنا.. في حالةٍ موفورةٍ من انعدامِ الذاتِ، وهذا الشوق الذي يعبَثُ بي، وهذا الحزن الذي يتخلَّلُني، وهذه المرارة في حَلْقي، وذاك الفقد، وتلك الوحدة، أكونُ دائماً.. دائماً وأبداً.. كما قالَ لي:

أَأَمْجَدُ.. دونَ مَجْدِكَ كُلُّ مَجْدٍ
وَمَجْدُ الشِّعْــرِ يَخْتَرِمُ المُحالا

الغريب.. في وطنه، الوفيّ.. لعدوّه، الحزين.. بردوده، والممثل.. البارع، والشاعر.. الحالم، الكاذب.. الفارع، فـ الاجتماعيّ.. معهم، فـ المنطويّ.. مع نفسه، أكون دوماً ما هُوَ أنا.. أكون ولا أكونُ سوايَ.. فأكونُ أمجدَ نفسي فقط.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى