السبت ١١ تموز (يوليو) ٢٠٠٩
بقلم علي أبو مريحيل

أوصيكِ بالقمر خيراً

هل كان يجب أن تحترق غزة ويسقط هذا العدد من الشهداء والأشجار والأزهار
كي أتمكن من سماع صوتك الغائب أو المغيب عني قسراً؟
 
هل هذا هو الثمن الذي يجب أن تدفعه الطبيعة لقاء تواطئها مع عاشقين مطرودين من جنتها؟
 
اطمئني حبيبتي.. ما زلت رغم رائحة الموت التي تحيط بي حياً أرزق، وها أنا أرزق صوتك
لأخرج من حالة الموت السريري ولو مؤقتاً بفعل أحبالك الصوتية!
 
كنت أخشى أن أسقط عدداً ــ قبل أن أسمع صوتك ــ في فاتورة التناحر السافر بين أخوين مطلوبين
للعدالة الإلهية بتهمة اغتصاب أمهما، كما كنت أخشى أن تخطفني إحدى الحوريات اللواتي ينتظرنني
على أعتاب الجنة قبل ولادة مجموعتي الشعرية الأخيرة (قبلة واحدة لا تكفي)!
 
ما رأيك في عنوانها؟
 
هو محاولة لرد الاعتبار إلى القبلة
كما تعلمين.. لم تنل القبلة حقها في أدبنا الفلسطيني،
فهي مسحوقة شأنها شأن باقي مفردات العشق الغزل!
هذا لأننا مكرسون لموضوع واحد هو التحرير!
أنا أسعى إلى كسر هذه النمطية، أحاول أن أثبت للعالم أننا شعب عاشق،
مقبل على الحياة، حواسه مشتعلة، يحلم ويحتلم، ينهزم أمام الأنوثة
بنفس القدر الذي ينتصر فيه على قوى القهر والذل والعدوان.
 
العدوان.. ليس بالجديد علينا، فتاريخ الاحتلال حافل بهتك أعراضنا وبقر أحلامنا وبتر أطرافنا.
 
الجديد هو انقسامنا المخجل الذي يتطاول إلى أبعد مما يخلفه العدوان من هتك وبقر وبتر!
 
الجديد هو حقدي الذي يتصاعد إلى حد لا يستطيع أن يلحق به عقرب العفو في ساعتي التي
لم اشترها بعد، الجديد هو حظي الذي يتنزه فوق كل غارة جوية تشنها طائرات
الـ ف 16 في سماء لا أرى فيها إلا عينيك!
 
ما زلت أتساءل.. كيف يدخل حبك في تفاصيل التفاصيل؟
 
كيف يهرول بين كريات دمي الحمراء والبيضاء كما يهرول حاج بين الصفا والمروة؟
 
كيف يداعب ربطة عنق لم ألبسها حتى في لقائنا الأول حين لم تأت.. هناك تحت شرفة القمر
 
لا لشيء.. فقط لأن النجوم عاقت وصولك حين طافت حول عينيك مؤهلة بعودتك؟
 
كيف يتوسّد كتفي على الرصيف بين بيتين.. بيت شعر وبيت عزاء؟
 
كيف يقطع معي الطريق إلى حيث لا أدري تحت وطأة قنبلة فسفورية ضلت طريقها إليّ فأصابت ظلي؟
 
كيف يشدّ على يدي حين لا نكون معاً بعد ما شطرني الخوف إلى نصفين.. نصف يموت ويحيا بحبك
ونصف يحب الحياة لأجلك؟
 
هل تسمعين؟.. السماء ما زالت تمطر والأرض تضجّ بالشهداء!
 
أوصيك بالقمر خيراً ــ قبل انقطاع الخط ّ أو النفس.. لا فرق ــ فهو الكائن الليلي الوحيد الذي
تعاطف معي في محنتي دونك، انظري إليه الآن.. ما زال متقمصاً وجهك!
 
سلام إليك.. سلام عليك.. سلام عليّ ما دمت بخير
 
وما دام قلبك يسأل عني.. يهتف باسمي.. يحنّ إليّ
 
سلام إلى شفتك السفلى وزر قميصك العلوي.. سلام إلى اتساع عينيك
 
سلام إلى حرف أسعى بكل ما أوتيت من أمل وألم إلى حذفه من فعل رأسمالي يحصد أرواحنا
بمنجل لا يلمع تحت الشمس.. ولا يوجع!
 
سلام إلى الحرف الثالث من اسمك المعتق بماء الورد والياسمين.
 
سلام إلى صاحب الفضل في ولادة هذا النص... صوتك الذي لم يأتِ!!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى