الاثنين ٢٧ تموز (يوليو) ٢٠٠٩

البارق

بقلم: تحسين عباس

الخيوط ُالذهبية ُ تحدو بالأذهان ِ إلى مستنقعِ السراب والصمتُ يتطلع إلى عالمِ التشظي والانفلات من الإشارة فكلُّ أدوات الاستفهام ثكلت عقولها في صبرٍ ميت لاينجب حتى ألاه، وعقابيلُ الأصوات ترجو دوام َالسكون كي لايصحو الضمير مؤنباً.. الحارة ُ تنام على دوي الرأسمالية بعد أن فارقتها سنيناً طوال، والنفس البائسة تتشبث بالأوهام المتزينة بالبيارق الملونة/ الأهازيج الماكرة/ الوعود الساخرة ؛ كلها كانت تهمسُ يأسها في أذنِ البارق ليجمِّـعَ أحلامَ مستقبلهِ ويقودَ ثلـَّة ً من زملائهِ باحثاً عن مأوىً للعيش يطردُ أسى البارحة بابتساماتٍ حالمة ٍ يحيط بها الوجلُ الخفي على أركان المدينة ِ بعد إن اتضحت مآربُ الضيف الثقيل وصمتت هتافاتُ الوعود التي أطرتها تيارات الإعلانات الغازية ؛ أخذتِ الدروب خطى الطامحين لينالوا بـُغيتهم كلَّما استسقاهم قلمُهم في الكتابة واستدعاهم المدادُ لتكحيلِ الأسطرِ البالية من سفسطة ِ المتأولين، فاتفقوا على الفراق بحثاً عن جوابٍ بشير يطعمُ أقلامهم وأوتارهم في هذه الحياة كي يُعينَ احدُهم الآخرَ فاخذ(البارقُ) يطوي أفكاره ليكونَ أولَ من قتلَ همَّ الصحبةِ في جلابيب الفقر وأزاميلِ البؤس..

ثمة َ امرٌ حدث وهو يستحوذُ على خبرٍ لإعلان ٍ

يقولُ: نحتاجُ إلى من لديه القدرة على الكتابة، فاستراحَ السؤالُ لحظة ً في رونق ٍ متأملٍ ً

حتى رد عليهم: أنا هو فإذا بابتسامة ٍ كأنها ركلةُ جزاء عرف منها انَّ الإمضاء سبقَ الإعلان فرُفعت الأقلام وجفت الصحف.

سحبَ يأسه إلى ناصيةِ الأمل ليبدأ من جديد والصوتُ يعانقُ آذانهُ (ليس للإنسان إلا ما سعى) وصبرهُ يشتكي آثارهُ في الوجدان. قرر المكوثَ في حديقةٍ مُتأملاً فيما رأى أ يمكنُ للذكريات أن تستدعي الحاضرَ إليها؟! راحتْ تحدِّقُ بهِ ؛ حتى جاءهُ رجلٌ سديدُ الخطى مقترباً منهُ سائلاً إياه: إذا ماكان يريدُ الفوزَ بالوليمة ْ، فيرتدي اللسانُ بريقَ الرضا ورحيقَ الحبور؛ إذن ماعليكَ إلا أن تعطي قدرَ ماتاخذ كي تضمن قوتَك؟!

فرَّ البارقُ متحيراً منكسراً إلى حيثُ لايشاء والصمتُ يبتلعهُ جبراً في تَدَبـُّرٍ عقيم ٍ حتى أضاعَ نفسهَ في تلابيبِ الظنون.. الوكرُ ينتظرُ ابتلاعهُ في الأرض ليغتنمَ جسدهَ في دهشة ٍ خرساءَ مسحورة ٍ بمراودة ِ الخطواتِ وهو يسمعُ اصواتاً تبدو أنها بعيدة ٌوالخطى محتارة ٌ بين اليقين والشك وبينَ الحلمِ واليقظةِ..الدهليزُ يشقّ ُ عَـدْوهُ إلى فروعٍ غير معلومةٍ وكأنَّهُ قد دخلَ في شاشةٍ مرئيةٍ ليخرجَ فلماً غريباً يرى من خلالهِ أناساً خارجينَ من بوابةٍ يتحدثونَ عن نكرانِ المبادئ في سبيل تحقيقِ الأماني الذهبية؛ يقفُ سائلاً إياهم في أي مدينة نحنُ؟ يمضون ضاحكين! وصلتَ لاتخفْ. فركنَ خوفهُ بين حافاتِ الدهليز والحذرُ يأخذُ رجليه بعيداً تحتَ الأرض وإذناه تسمعُ همساً ترتقهُ الأوهام فيوهمُ ظنَّه ُ مستمراً ليرَ الحقيقةَ بين الأصواتِ المتناثرةِ وكأنها خطواتُ زملائِهِ تحكي لهُ أنهم قادمون في ظلام ٍيحبسُ أنفاسَهُ لضوءٍ يتسعُ رويداً رويداً ليقدموا وبأيديهم ثلاثةُ قناديل، يسألهم ما الذي جاء بكم إلى هنا يضحكُ الجوابُ مُتفـوِّهاً: هربوا لكي لايرون الشمس.

بقلم: تحسين عباس

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى